وقد أثرت هذه المجموعة من العلماء فى تكوين الأمير الصغير
وتشكيل اتجاهاته الثقافية والسياسية والعسكرية، وكان الشيخ «آق
شمس الدين» صارمًا مع الأمير حتى إن السلطان «محمد» وهو سلطان
قال لأحد وزرائه عن شيخه هذا: «إن احترامى لهذا الشيخ احترام يأخذ
بمجامع نفسى وأنا ماثل فى حضرته مضطربًا ويداى ترتعشان».
ثقافة محمد الفاتح:
درس السلطان «محمد» إلى جانب دراسته الأكاديمية المنظمة اللغات
الإسلامية الثلاثة التى لم يكن يستغنى عنها مثقف عصرى آنذاك
وهى: العربية والفارسية والتركية، وعنى بالأدب والشعر خاصة،
فكان شاعرًا له ديوان بالتركية، وله بيت مشهور يقول فيه:
نيتى هى الامتثال للأمر الإلهى «جاهدوا فى سبيل الله».
وحماسى إنما هو حماس فى سبيل دين الله.
وتعلم السلطان «محمد» أيضًا اللغات: اللاتينية واليونانية والصربية،
ولاتخفى أهمية هذه اللغات لأمير فى طريقه إلى تولى الدولة
العثمانية.
وقد أثرت فترة إمارة «محمد» فى شخصيته فجعلته - بفضل توعية
أساتذته - أكثر الأمراء العثمانيين وعيًا فى دراسة علوم التاريخ
والجغرافيا والعلوم العسكرية، وبخاصة أن أساتذته وجهوا اهتمامه
إلى دراسة الشخصيات الكبيرة، التى أثرت فى مجرى التاريخ،
وأبانوا له عن جوانب العظمة فى تلك الشخصيات، كما وضحوا له
نقاط الضعف فيها، أملا أن يكون أميرهم ذات يومٍ من أكثر الحكام
خبرة وحكمة وعبقرية.
ولا شك أن الشيخ «آق شمس الدين» استطاع أن يلعب دورًا كبيرًا فى
تكوين شخصية «محمد» وأن يبث فيه منذ صغره أمرين، جعلا منه
فاتحًا، وهما:
- مضاعفة حركة الجهاد العثمانية.
- الإيحاء دومًا لمحمد منذ صغره بأنه هو الأمير المقصود بالحديث
النبوى، «لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك
الجيش».
وقد استغرق تحقيق النقطة الأولى فترة تاريخية من حياة السلطان
«محمد» - بعد أن أصبح سلطانًا للدولة - لنرى فيه حملاته العسكرية،