للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يغب عن ذهن السلطان «سليم الأول» أن انتقال الخلافة إلى

«بنى عثمان» يجعل منهم قوة معنوية كبيرة عند المسلمين، ويحد من

أطماع «أوربا» المسيحية فى الدولة العثمانية، ويقضى على الخطر

البرتغالى فى جنوب «البحر الأحمر».

وقد أدَّى وقوع الرسائل بين «قانصوه الغورى» سلطان المماليك،

والشاه «إسماعيل الصفوى» إلى زيادة هوة الخلاف بين «الغورى»

و «سليم» وقطع أى محاولة للحل السلمى بين المماليك والعثمانيين.

موقعة مرج دابق وآثارها:

أدرك «الغورى» أن الحرب بينه وبين العثمانيين واقعة لا محالة،

فلجأ إلى تحريض أهل «دمشق» ليشتركوا معه فى حربه ضد

العثمانيين، الذين اتهمهم بخيانة فكرة الجهاد الإسلامى فى

«أوربا»، وأشاع أن السلطان العثمانى قد استعان بجنود من

النصارى والأرمن؛ ليحارب بهم جند الله المجاهدين ضد البرتغاليين،

ولكن يبدو أن هذا الأسلوب لم يلق نجاحًا كبيرًا بين أهل «دمشق»،

لاقتناعهم بأن العثمانيين منذ قرون وهم يجاهدون فى الميدان

الأوربى، ولم يتخلفوا عن إمداد المماليك أنفسهم بما يلزمهم لقتال

البرتغاليين، مثلما حدث فى عهد السلطان «بايزيد الثانى».

والتقى الجمعان على مشارف «حلب» فى «مرج دابق» سنة (٩٢٣هـ=

١٥١٧م)، وحقق العثمانيون النصر، وقُتل السلطان «الغورى»،ودخل

«سليم الأول» «حلب» ثم «دمشق» ودُعى له فى المساجد، وفتحت

كثير من المدن الشامية أبوابها للعثمانيين دون مقاومة تذكر.

وأرسل السلطان «سليم الأول» رسالة إلى «طومان باى» الذى خلف

السلطان «الغورى» فى «مصر»، يعرض عليه فيها حقن الدماء،

شريطة أن تكون «غزة» و «مصر» تابعتين للدولة العثمانية، ويحكمهما

هو باسمها، ويدفع نظير ذلك خراجًا سنويا، لكن المماليك قتلوا

رسول «سليم»، فلم يكن هناك بدٌّ من الحرب، وعزم «سليم» على

اللقاء، فالتقى مع المماليك فى «غزة» و «الريدانية» وكان النصر

فيهما حليفه، وأدى انتصار العثمانيين فى معركتى «مرج دابق»

<<  <  ج: ص:  >  >>