وقد رفعت الرايات العثمانية فوق العاصمة المجرية «بشت»، ولم تكن
قد عرفت باسمها الآن «بودابست»، وأعلن منها السلطان «سليمان
القانونى» خضوع «مملكة المجر» للحماية العثمانية، وأصدر أمرًا
بتعيين «جون زابوليا» أمير منطقة «أردل» المجرية ملكًا على
«المجر»، وهو الذى تعرفه المصادر الشرقية باسم الملك «يانوش»،
وعاد «سليمان» إلى «إستانبول» بجيوشه.
بعد ثلاث سنوات من الحملة العثمانية لفرض الحماية الإسلامية على
«مملكة المجر»، جاءت رسالة إلى «سليمان» من «يانوش» ملك
«المجر» يقول فيها بأن أرشيدوق «النمسا» «فرديناند» يستعد لأخذ
«المجر» منه، بعد أن قام الكثير من أمراء «المجر» بتأييده ملكًا على
«المجر» بدلا من «يانوش»، واستولى «فرديناند» بالفعل على مدينة
«بودين» من الملك المجرى التابع للعثمانيين.
وفى (رمضان ٩٣٥هـ= مايو ١٥٢٩م) تحركت الجيوش العثمانية من
«إستانبول» إلى «المجر» واستعاد «سليمان القانونى» مدينة
«بودين» مرة أخرى، وفى احتفال مهيب توّج «القانونى» «جون
زابوليا» ملكًا على «المجر».
ثم أصر السلطان «سليمان القانونى» على محاربة «فرديناند»،
فحاصرت القوات العثمانية فى (المحرم ٩٣٦هـ= سبتمبر ١٥٢٩م) مدينة
«فيينا» عاصمة «النمسا»، واشترك فى الحصار مائة وعشرون ألف
جندى وثلاثمائة مدفع، وقبل الحصار خرج ملك «النمسا» من عاصمته
وانسحب بعيدًا عنها، وقامت معارك كبيرة أمام أسوار «فيينا» لكن
الجيش العثمانى لم يتمكن من فتحها، إذ جاء الشتاء وبدأت المواد
الغذائية تنقص، وعادت القوات العثمانية جميعًا دون التمكن من فتح
«فيينا».
وبعد ثلاث سنوات من بداية الحملة على «المجر» وحصار «فيينا»، قام
السلطان «سليمان القانونى» بمحاربة «ألمانيا» (٩٣٩هـ= ١٥٣٢م)
بسبب قيام أرشيدوق «النمسا» «فرديناند» بإرسال سفير إلى
السلطان العثمانى يطلب منه الاعتراف به ملكًا على «المجر»، ولم
يكتف «فرديناند» بذلك بل جرّد حملة وحاصر بها مدينة «بودين».