عام ١٢٩٤هـ= ١٨ من يناير عام ١٨٧٧م) اجتمع فى «الباب العالى»
(مجلس مكوّن من (٢٤٠) شخصًا) لدراسة مقترحات مؤتمر الترسانة، لكن
«مدحت باشا» دفع المجلس إلى رفض مقترحات الدولة، وحرَّض طلبة
العلوم الدينية العالية على القيام بمظاهرات لإجبار السلطان «عبد
الحميد» على الحرب، فقام المجلس بإجبار السلطان على التصديق
على قرار برفض مقترحات المؤتمر، فانفض السفراء وتركوا الدولة
العثمانية بمفردها تواجه «روسيا».
ولما كان «نابليون الثالث» قد أرسى دعائم الفكر القومى العرقى
فى «أوربا»، فقد استغل الروس فرصة انتشار هذا الفكر، وقاموا
بدعايات ضخمة لإنقاذ إخوانهم السلاف الواقعين تحت الحكم التركى،
وأعلنوا الحرب فى (١٠ من ربيع الآخر عام ١٢٩٤هـ= ٢٤ من أبريل عام
١٨٧٧م) على العثمانيين، وبذلك بدأت الحرب العثمانية - الروسية،
المشهورة التى استمرت من عام (١٢٩٤هـ= ١٨٧٧م) إلى عام (١٢٩٥هـ=
١٨٧٨م)، وتعد هذه الحرب نكبة من نكبات التاريخ العثمانى، فقد
رافق خسارة العثمانيين فى الأرض، مشكلة هجرة مليون مسلم
عثمانى من «بلغاريا» إلى «إستانبول»، وهذه الهجرة هى أصل
مشكلة الأقليات الإسلامية اليوم فى «بلغاريا» وغيرها من دول
«البلقان»، وعندما هاجر المليون عثمانى رافقتهم مشاكل اجتماعية
كبيرة فى الإسكان وفى المعيشة.
وأخيرًا عقدت فى (٢٧ من المحرم عام ١٢٩٥هـ= ٣١ من يناير عام
١٨٧٨م) معاهدة لإنهاء الحرب التى استمرت تسعة أشهر وسبعة أيام.
تعطيل البرلمان:
وأمام ما تصوّره «عبد الحميد» من قصور فى الرأى العام ممثلاً فى
هذا المجلس، الذى دفع بالأمة إلى الدخول فى حرب هى غير مستعدة
لها، وليست فى حاجة إليها، قام السلطان فى (١٣ من فبراير ١٨٧٨م)
بتعطيل الحياة النيابية إلى أجل غير مسمى، واضطر وزير الخارجية
العثمانية أن يوقع معاهدة «أياسطفانوس» التى فرضتها «روسيا»
على الدولة عقب هزيمتها أمامها، وقد بكى الوزير وهو يوقع