المعاهدة؛ لأنها كانت مجحفة بالدولة، إلا أن السلطان يذكر فى
مذكراته أنه عمل كثيرًا على تخفيف وقع هذه المعاهدة على الدولة،
بتوقيع معاهدة أخرى هى «معاهدة برلين» فى (١٠ من صفر عام
١٢٩٥هـ= ٣ من يوليو عام ١٨٧٨م) أى بعد أربعة أشهر وأحد عشر
يومًا من المعاهدة الأولى.
وفى (١٨ من جمادى الأولى عام ١٢٩٥هـ= ٢٠ من مايو عام ١٨٧٨م)
أثناء ما كان جيش الاحتلال الروسى يجثم على أراضى الدولة،
وانشغال هذه به، قام شاب يدعى «على سعاوى» مع أنصاره من
الشباب الثائر بمحاولة لخلع «عبد الحميد» وإحلال «مراد» - وكان
مريضًا مرضًا عقليا - محله إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل.
ديون الدولة العثمانية:
أما عن الديون العثمانية وخطورتها، فقد وصلت الديون المتبقية من
عهدى «عبد المجيد» والد «عبد الحميد»، و «عبد العزيز» عمه إلى
(٢٥٢) مليون ليرة ذهبية عام (١٢٩٨هـ= ١٨٨١م)، وكان هذا الرقم
وقتها رقمًا هائلا، وكانت كل من «إنجلترا» و «فرنسا» فى مقدمة
الدائنين. وقد نجح السلطان «عبد الحميد» فى حل مسألة الديون هذه
بتقليلها إلى النصف تقريبًا؛ لذلك كان الموظفون العثمانيون وخاصة
الضباط يتضجرون عندما يقبضون رواتبهم متأخرةً، وهذا الأمر كان من
أسباب ضيق الموظفين فى عهد «عبد الحميد».
وبعد وفاة السلطان «عبد العزيز» - عم «عبد الحميد» - بخمس سنوات،
أثار «عبد الحميد» قضية هذه الوفاة؛ ولذلك قدّم «مدحت باشا»
وأعوانه إلى المحاكمة فى «محكمة يلدير» فى (٢٩ من رجب عام
١٢٩٨هـ= ٢٧ من يونيو عام ١٨٨١م) بتهمة قتل سلطان الدولة، وأصدرت
المحكمة قرارها بالإدانة.
ثم نُقل «مدحت باشا» وصاحبه محمود جلال الدين باشا فى (١ من
رمضان عام ١٢٩٨هـ= ٢٨ من يوليو عام ١٨٨١م) بالسفينة «عز الدين»
إلى «قلعة الطائف» حيث حبسا فى السجن العسكرى هناك، واستمر
هذا الحبس سنتين وتسعة أشهر، ثم وجد «مدحت باشا» وزميله فى
السجن مقتولين خنقًا، ولم يُعرف من المحرّض على القتل، والمعروف