«عبدالعزيز» على امتياز بالاقتراض الخارجى، ووصل الأمر بالخديو
إلى أنه اقترض من «إنجلترا» و «فرنسا» مبلغ مائة مليون جنيه ذهبًا
فى عشر سنوات؛ ولتقريب هذه المسألة نقول إن ديون الدولة
العثمانية كلها - بعد جهود «عبد الحميد» فى تخفيضها إلى النصف
تقريبًا - تعادل جملة اقتراضات الخديو «إسماعيل» بمفرده وهو خديو
على إيالة «مصر» العثمانية؛ مما أعطى انطباعًا لدى السلطان «عبد
الحميد» بعظم إسراف الخديو، وهذا الإسراف دفع «إسماعيل» فى
(ذى القعدة ١٢٩٢هـ= نوفمبر ١٨٧٥م) إلى طرح أسهمه الشخصية فى
«قناة السويس» للبيع، وحاولت «فرنسا» أن تشتريها، إلا أن سرعة
حركة «دزرائيلى» رئيس وزراء «بريطانيا» فى شراء هذه الأسهم
عطلت حركة «فرنسا» فى العمل، وهذا أدى إلى توقع وقوع
«مصر» فريسة للاحتلال البريطانى. ولم تكن «فرنسا» من القوة بحيث
تستطيع وقتها عمل شىء لتعطيل تحرك الإنجليز فى «مصر»، ومع
ذلك لم يجد بيع «إسماعيل» لأسهمه فى «قناة السويس» نفعًا.
كان جيش «مصر» قد بلغ أيام «إسماعيل» إلى (٣٠.٠٠٠) عسكرى ما
بين ضابط وجندى، ثم أدى تدخل الوزراء الأوربيين فى الوزارة
المصرية إلى تخفيض هذه القوة إلى (١١.٠٠٠) وتسريح (٢٥٠٠)
ضابط، وكان هذا العدد يقرب من نصف عدد ضباط الجيش، وكان عدد
الضباط المصريين قليلاً بالنسبة إلى الضباط الآخرين من رعايا الدولة
العثمانية كالألبان والأباظة والشركس وغيرهم، إلا أن أغلب الضباط
المحالين إلى التقاعد كانوا من المصريين، فاستاء هؤلاء، وبدأ فى
«مصر» - لأول مرة - الشعور بالقومية، وظهر الأميرالاى «أحمد عرابى
بك».
نتيجة لهذا الجو الجديد قام السلطان «عبد الحميد الثانى» بإصدار
إرادة سنية فى (٥ من شعبان ١٢٩٦هـ= ٢٥ من يوليو ١٨٧٩م) بعزل
الخديو «إسماعيل» باشا، وتعيين ابنه الأكبر وولى العهد «محمد
توفيق باشا» مكانه، وطلب «إسماعيل» من السلطان «عبد الحميد»