كل من «واشنطن» و «برلين» و «فيينا» و «لندن» و «باريس»، بتعقب
الحركة الصهيونية، وإرسال تقاريرهم أولا بأول إلى السلطان، كما
قاموا بناءً على هذا الأمر بمقابلة زعماء اليهود فى البلدان التى
يعملون بها أيضًا، بإرسال مخبرين عثمانيين متنكرين إلى
الاجتماعات الصهيونية فى «أوربا»، وإرسال قصاصات الصحف
والمجلات الأوربية المتعلقة بنشاط اليهود فى «أوربا».
وبذلك خط «عبد الحميد» بنفسه الخطوط الأساسية للسياسة
العثمانية تجاه اليهود وفهم تفكيرهم تجاه القضية الفلسطينية.
وفى (١٠ من ذى القعدة ١٣٠٧هـ= ٢٨ من يونيو ١٨٩٠م) وفى (٧ من
يوليو) من العام نفسه أصدر السلطان «عبد الحميد» إرادتين
سلطانيتين بـ: «عدم قبول الصهاينة فى الممالك الشاهانية (الأراضى
العثمانية) وإعادتهم إلى الأماكن التى جاءوا منها، وأعطى أوامره
إلى نظارة الشئون العقارية بعدم بيع أراضى للمهاجرين إلى
فلسطين».
يقول «محرم فوزى طوغاى» فى مقالة له فى (١٠ من جمادى الآخرة
عام ١٣٦٦هـ= ٢ من مايو عام ١٩٤٧م)، نشرها فى «مجلة بيوك
طوغو» التركية بعنوان «فلسطين والمسألة اليهودية» ما يلى:
«إن تصرّف عبد الحميد تجاه الحركة اليهودية بهذا الشكل المعادى
كان معناه أنه يتسبب فى هدم تاجه وهدم عرشه، ليس هذا فقط، بل
ومن ثم فى هدم الدولة العثمانية كلها».
ويقول العقيد التركى «حسام الدين أرتورك» فى كتابه «خفايا
عهدين»، نشر فى «إستانبول» عام (١٣٧٧هـ= ١٩٥٧م) ما يلى:
«قدم كل من تيودور هرتزل والحاخام الأكبر طلبًا شخصيا إلى
السلطان عبد الحميد يطلبان فيه إقامة وطن إسرائيلى مستقل فى
سنجق القدس، فما كان من عبد الحميد إلا أن طردهما».
ويعقب «نظام الدين تبه دنلى أوغلى» بالتعليق على هذه المسألة
قائلاً:
«إن تصرف السلطان عبد الحميد تجاه هرتزل بهذا الشكل كان - كما
فطن السلطان لذلك - من شأنه أن يعمل هرتزل واليهود على دعم
أعداء السلطان».
وأعداء السلطان يتمثلون فى الآتى: