فى «تونس» أسرة حاكمة هى «الأسرة الحسينية» ومؤسسها
«حسين بن على» وفى عهدها استكملت «تونس» شخصيتها، فنظمت
علاقاتها بالدول الأوربية، وعقدت معها المعاهدات لتأمين تجارتها
فى «البحر المتوسط».
وفى النصف الثانى من القرن الثامن عشر تعرضت الدولة العثمانية
لأخطر حركتين كادتا تعصفان بكيانها فى البلاد العربية:
الأولى: الحركة الوهابية:
تنتمى هذه الحركة إلى الشيخ «محمد بن عبد الوهاب» المولود فى
«نجد» سنة (١١٠٨هـ= ١٦٩٦م) فى قرية «العينية»؛ حيث كان جده ثم
أبوه يتوليان منصب القضاء فيها فنشأ فى بيت علم نشأة دينية،
كان لها أثرها فى شخصيته، فقام يدعو إلى التوحيد بعد أن أكثر
من التأمل فيما آلت إليه أحوال المسلمين فى عصره، وهاله ما رآه
من البدع والخرافات التى ألصقها البعض بالدين، كالاستعانة بالموتى
والتبرك بالأشجار والأضرحة، ووجد أن التوحيد الذى يتميز به الإسلام
على سائر الأديان أصبحت تحيط به مظاهر الوثنية والشرك، فأخذ
يدعو إلى نبذ هذه البدع، فثار عليه الناس واضطهدوه فبدأ يكتب
رسالته المشهورة: «التوحيد الذى هو حق الله على العبيد».
ابن عبد الوهاب فى الدرعية:
وقد اتبعه فى البداية عدد قليل من الناس وعارضه كثير منهم، كما
تنقل أكثر من مرة خوفًا من القتل، وفرارًا من عدوان الناس؛ حتى
انتهى به المطاف فى «الدرعية»؛ حيث أيَّد أميرها «محمد بن سعود»
دعوة الشيخ، وتحالف الاثنان على العمل لنشر الدعوة الجديدة بين
المسلمين.
اتساع الحركة والتوسع السعودى:
وإلى جانب النشاط الدعوى للحركة الوهابية بدأ نشاط عسكرى ضد
المخالفين للرأى، فأخذت الدولة السعودية الجديدة تتسع، حتى
شملت معظم أنحاء «نجد» قبل وفاة «محمد بن سعود» سنة (١١٧٩هـ=
١٧٦٥م)، وبعد وفاته تولى الحكم بعده ابنه «عبد العزيز»، وفى
عهده ازدادت الحركة الوهابية قوة وانتشارًا، فتخطت حدود «نجد»،
وفى عهد «سعود بن عبد العزيز» (١٢١٨ - ١٢٢٩هـ= ١٨٠٣ - ١٨١٤م)