واخترقوا الصحراء الكبرى ووصلوا إلى بلدان إفريقيا جنوب
الصحراء، وكان لذلك أثره الكبير فى نشر الإسلام الذى أقبل مع
قوافل التجار، وازداد انتشاره بعد أن انتقل معظم النشاط التجارى
إلى أيدى السودان والزنوج أنفسهم من تجار «الفولانى»
و «التكرور» و «الهوسا» و «الكانمية» والصوماليين وغيرهم من
الأفارقة الذين اتخذوا التجارة حرفة رئيسية، وصار هؤلاء التجار
الأفارقة دعاة للإسلام، وقلدوا المغاربة فى إقامة بعض الأسواق فى
مدن معينة فى أيام معلومة.
وكان هؤلاء التجار سواء كانوا من العرب أو البربر أو السودان
ينزلون فى هذه الأسواق أو فى المراكز التجارية ويحتكون بالزنوج
ويؤثرون فيهم بنظافتهم وأمانتهم وسلوكهم الشخصى القائم على
قيم الإسلام وتقاليده السامية، وغالبًا ما ينتهى هذا الاحتكاك بدخول
كثير من هؤلاء الزنوج فى الإسلام الذى كان يتركز أولا فى المدن
التى ينشط فيها التجار بوجه خاص، وكانوا إذا ما استقر بهم المقام
فى إحدى هذه المدن ينشئون كتاتيب أو مدارس لتعليم الإسلام
وتحفيظ القرآن الكريم ويبنون المساجد التى كانت مقرا للدعوة إلى
الإسلام، وقاموا فى الوقت نفسه بمزاولة نشاطهم التجارى، وكانوا
أثناء الليل يحولون دكاكينهم إلى مكان يتلقى فيه الأطفال الوثنيون
مبادئ القراءة والكتابة على ضوء النيران، مما حببهم إلى الأهالى
الذين وثقوا بهم، مما فتح الباب أمام الإسلام كى ينتشر بينهم.
وكذلك وثق بهم رجال الطبقة الأرستقراطية من الملوك والأمراء
ومشايخ القبائل؛ حيث كان التجار المسلمون يُستقبلون فى بلاط
هؤلاء الملوك الوثنيين بترحاب شديد؛ لسمو أخلاقهم وكريم خصالهم
وخبرتهم بالسياسة وشئون الإدارة والمال، ونظرًا لأنهم كانوا يجلبون
لهذه الطبقة ما كانت تحتاج إليه من سلع فاخرة، ومن ثم أضفى
هؤلاء الملوك حمايتهم على هؤلاء التجار، فنعموا بالأمان والاستقرار
وازداد نشاطهم بين أفراد هذه الطبقة، التى سرعان ما تحولت إلى