على أي حال فإن هذا الأثر نفسه غني في جميع جوانبه، غنى شخصية صاحبه، ويمكن أن يقف القارئ على هذا التنوع الغنيِّ. وهو يقرأ الدِّراسة التي يعرضها عمار الطالبي.
ولقد يكفي في هذه المقدمة أن نركِّز اهتمامنا في جانب من أكثر الجوانب تمييزاً لفكر ابن باديس.
أريد أن أتكلم عن الافتتاحية التي كانت ترد في مطلع كل عدد من مجلة "الشهاب" تحت عنوان "مجالس التذكير".
كان الشيخ يكتب هذه الافتتاحية دائماً: وإنها لأثر العالم الداعية، المصلح الفذ.
ولا يفوتني أن أذكر أنه عندما كان ابن باديس يتغيَّب عن قسنطينة لسبب ما، كانت المجلة تظهر بدون هذه الفاتحة التي تكوِّن حقا أمَّ كل عدد من أعدادها.
ولقد دامت هذه الفاتحة من عدد كانون الثاني ١٩٢٩م إلى عدد أيلول من سنة ١٩٣٩م على أبواب الحرب العالمية الثانية.
ولكي نستطيع الحكم على أهميته المذهبية والتعليمية يجب أن نحلل مجلساً من مجالسه. ويجب علينا ألا ننسى بأن الشيخ علاوة على دوره في توجيه الرأي الجزائري العام - كان كذلك المعلم الذي يدرِّس في معهد تكوَّن فيه كلُّ قادة تعليمنا الحر، وحتى شعراؤنا، مثل محمد العيد آل خليفة.
بل إن الشيخ نفسه يقدم هذا التحليل في العناوين الفرعية التي كان ينفحها كل مجلس من مجالسه، فتحت العنوان يقدم الموضوعين الأساسيين: الآية - أو الآيات - والحديث موضوعي المجلس، تليهما بعد ذلك العناوين الفرعية الخاصة بكلا الموضوعين، وهكذا نجد