للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبح إذا كان من هنا؟ ... كلا لا عيب ولا ملامة وإنما لكل امرىء ما اختار ويمدح ويذم على حسب سلوكه في اختياره.

أما قول جنابه: "وإن غالب هؤلاء العلماء تعلموا في مساجد القاهرة، حيث الإسلام لا تدرس مبادئه وتعاليمه الدينية فقط" فهو مخالف للواقع فإن العلماء الذين يعنيهم جنابه لم يتعلم واحد منهم في مصر والشخص الوحيد الذي تعلم في القاهرة وكان معهم قد انقلب انقلابا قبيحا وهو مرضي عنه تمام الرضا.

فالمسألة مسألة جمود وتفكير ونهوض مع الناهضين وموت مع الأموات ليست مسألة القاهرة ولا غيرها، وليس بصحيح أن مساجد القاهرة يدرس فيها ما ليس من الدين وما دروسها ودروس جامع الزيتونة وجامع القرويين ودروسنا بقسنطينة إلا واحدة كلها ترمي إلى المحافظة على علوم الإسلام والعربية ونشر العلم والتهذيب بين طبقات الناس وما هذا إلا أصل المدنية التي تدعو إليها الأمم الراقية في هذا العصر.

وكان جنابه أراد أن يخفف من عبء مسؤولية منع العلماء من إلقاء الوعظ والإرشاد في بيوت الله التي ما أسست إلا لذكر الله فقال: "وعلى كل حال فإننا لم نمنعهم من الكلام في الأماكن المدنية أو الدينية غير الدولية" ونحن نحتفظ بهذا التصريح بعدم المنع مما ذكر، ثم قال: إن الأماكن الدينية التي سماها جنابه دولية هي المساجد الإسلامية العامة التي يأتيها الناس المقصود تهذيبهم وإرشادهم وهي التي تناسبها دروس العلماء الدينية ومواعظهم، فأما الأماكن المدنية فليست مما يناسبهم ولا مما أعد لهم وأما الأماكن الدينية غير الدولية - ويعني المساجد الخاصة- فهذه على قلتها لا تكفي عموم الناس، فالحق أن منع العلماء من المساجد العامة منع لهم من القيام بمهمتهم الدينية

<<  <  ج: ص:  >  >>