إن كلمتنا الصريحة قد وضعت الكثير من الرجال على المحك، فمنهم من ظهرت نفسه من در مكنون، ومنهم من انطوت جوانبه على حمأ مسنون.
وإنا لنشهد أن من أكمل الرجال الذين رأينا فيهم بهذه المناسبة، الهمة الحالية، وشرف النفس، وطهارة الضمير، الأستاذ فرحات عباس الصيدلي، والعضو البلدي والعمالي بسطيف.
كان هذا الرجل الأبي من أهدافنا في مقالنا (كلمة صريحة) وهو الذي آخذناه عن مقاله (فرنسا هي أنا) وقلنا له ولمن معه إنكم عندما تسمعون لسياسة الاندماج، وتحبذون التجنيس، وترضون ضياع حقوقنا الإسلامية مقابل حق الانتخاب، وتريدون- خلافا للطبيعة- أن يصير جمهور المسلمين بهذه البلاد جمهورا فرنسيا بحتا، لا يختلف عن الجماهير الفرنسية في شيء، إنكم عندما تسعون وتحبذون هذا لا تمثلوننا ولا تتكلمون باسمنا، وإنكم في واد والأمة في واد آخر.
فالسيد فرحات عباس، لم يتألم ولم يتكدر، وسلك مسلك كبار رجال السياسة الذين يحبذون النقد وينصاعون لكلمة الحق، فزار إدارة الشهاب، وأكد لها تقديره لجهودها، وجرت له مع صاحب الشهاب محادثة دلت على سمو أدبه وعلو كعبه في عالم السياسة والتفكير.
ثم نشر مقالا في جريدة (لا ديفانس)(١) الصادقة الثابتة الجسورة، يبين فيه نظريته، ويشرح فيه فكرته الاجتماعية التي بنى عليها سلوكه السياسي، وسيجد قراؤنا تعريب هذا المقال إثر فصلنا هذا.
ولقد تولت بعض الدوائر مهاجمتنا، مستترة وراء جريدة النجاح، ووراء ورقة تدعى (صدى الصحافة الإسلامية)، ولقد كنا ننتظر من تلك الدوائر التي هاجمتنا، مناقشة هادئة تتناسب مع وقارها، وكنا
(١) La défense: الدفاع يصدرها المرحوم الأمين العمودي.