ننتظر منها نضالا بأسلحة حادة، لكن خاب أملنا في الأمرين. فالمناقشة كانت صبيانية الشكل والموضوع، والأسلحة كانت عتيقة مفلولة أبلتها كثرة الاستعمال.
فأما السلاح الذي استعمل ضدنا في النجاح فهو أسئلة وضعها رجل كبير، وأمضاها رجل صغير وقد حسب الذين قدموا لنا هذه الأسئلة أنهم يحرجوننا بوضع البحث فوق ميدان الاستقلال، كأننا قد رفعنا علم العصيان، ونادينا بفصل الجزائر عن فرنسا من الآن.
فهو يسألنا أولا: متى كانت حدود الجزائر على ما هي عليه الآن؟ وإننا نجيبه لنفرض أن حدود الجزائر لم ترسم على صفتها الحالية شرقا وغربا إلا منذ نحو مائة عام، فهل له أن يجيبنا متى كانت حدود فرنسا وألمانيا وإيطالبا والنمسا والمجر ورومانيا ويوغوسلافيا واليونان وبلغاريا كما هي الآن؟ وهل لم تتغير المرات العديدة خلال هذه المائة عام؟
ثم يسألنا: متى كانت بلاد الجزائر مستقلة؟ ونحن نقول له: إن ضربنا صفحا عن الدول الإسلامية المستقلة التي نشأت وازدهرت بالقطر الجزائري، وسلمنا بأن القطر الجزائري بصفته الحالية لم يكن مستقلا في وقت من الأوقات، فهل لحضرة السائل أن يجيبنا: متى كانت دولة تشيكوسلوفاكيا مستقلة؟ وإلى أي عهد يرجع استقلالها؟
ويسألنا أخيرا، ما هي وحدة اللغة التي تكلمنا عنها في كلمتنا الصريحة، فهل هي اللغة العربية، والحال ليس كذلك، كما يقول، أم ماذا؟
فهل نستطيع أن نجيبه بأن لغة هذا الوطن ليست عربية بدليل أن جريدة النجاح تنشر بلغة الصين، وأن الجريدة الرسمية الحكومية تنشر إلى جانب نسختها الفرنسية نسخة بلغة النبط والكلدانيين؟ أم نقول له أن الواقع يثبت بأنه لا يوجد في أرض الجزائر إلا واحد في المائة