معتمدا عليها إلى اليوم، وكان الاحتفال في القاعة الكبرى التي لا يحتفل فيها إلا بأكابر العلماء الذين خدموا الإنسانية خدمة جليلة. ومعنى هذا الاعتراف لعلماء العرب بخدمة العلم والإنسانية في ظل الإسلام منذ قرن.
فالإسلام الذي جاء به صاحب هذه الذكرى هو أبو المدنية أمس واليوم- وأعني بمدنية اليوم المدنية من جهة العلم والعمران، لا من جهة الأخلاق والاجتماع فهنالك ما يتبرأ منه الإسلام.
لا عجب بعد هذا البيان أن نقول أن الإنسانية تشاركنا بالاحتفال في هذا المقام.
ما الداعي إلى إحياء هذه الذكرى؟
المحبة في صاحبها.
إن الشيء يحب لحسنه أو لإحسانه وصاحب هذه الذكرى قد جمع - على أكمل وجه- بينهما فله من الحسن ما كان به أكمل الناس حتى اضطلع بالقيام بأعباء ما جاء به ويعرف ذلك الكمال من درس أي خلق من أخلاقه وأي يوم من أيامه. وله من الإحسان ما أنقذ به البشرية وكان رحمة خاصة وعامة، وعم الإنسانية جمعاء على ما قدمنا في البيان.
فمن الحق والواجب أن يكون هذا النبي الكريم أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا ومن الناس أجمعين ولو لم يقل لنا في حديثه الشريف «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» وكم فينا من يحبه هذه المحبة ولم يسمع بهذا الحديث؟
فهذه المحبة تدعونا إلى تجديد ذكرى مولده في كل عام.