إن محبتنا فيه تجعلنا نحب كل خلق من أخلاقه وكل عمل من أعماله. ففي ذكريات مولده نذكر من أخلاقه ومن أعماله ما يزيدنا فيه محبة ويحملنا على الاقتداء به فنستثمر تلك المحبة بالهداية في أنفسنا، ونشرها في غيرنا، تلك الهداية التي لا يسعد العالم سعادة حقة إلا إذا تمسك بها.
ماذا نريد أن نذكر في مجلسنا هذا منها؟
عندما أصل إلى هذا المقام وأقف أمام أخلاقه وأعماله- عليه وعلى آله الصلاة والسلام- أجدني أمام ما يتقاصر عنه علمي ويتضاءل أمامه شخصي وأنشد ما قاله شاعرنا العربي:
هو البحر من أي الجهات أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
ومن أين لعاجز مثلي أن يفي خلقا من أخلاقه أو عملا من أعماله حقه من البيان؟
لكنني سأقول على كل حال حسب جهدي، وأقتصر على ذكر خلقين من أخلاقه أراهما ركنين أساسيين في حياته وفي شريعته وهما:
الرحمة ......... والقوة
إذا أراد الله تعالى شيئاً هيأ أسبابه. فمع علمنا بأن ما كان له - صلى الله عليه وآله وسلم- من الرحمة والقوة هو من العطاء الرباني والفيض الإلهي الذي تقصر عنه وسائل العباد، فإننا لا نمتنع من ذكر ما هيأ الله له من أسباب مناسبة لهذين الخلقين. فمن العبادة الفكرية النظر في صنع الحكيم العليم في ربط الأمور بعضها ببعض واقترانها في الوجود والتقدير. فلنبحث في هذين الخلقين وما هُيِّء لهما من حال مناسب، وما نشأ عنهما من أخلاق فاضلة وما كان لهما