إننا باحتمالنا هذا بذكرى شاعرَي العربية العظيمين شوقي وحافظ، نكرم سبعين مليوناً من أبناء العربية الذين يعدون العربية لغتهم القومية. ونكرم خمسمائة مليون من أبناء الإسلام الذين يعدونها لغتهم الدينية ونكرم الأمم المتمدنة جمعاء التي يعترف أكابر علمائها المنصفين بمزية اللغة العربية التاريخية على العلم والمدنية.
أيها الإخوان:
ليس الشاعران الخالدان بالمحتاجين للتعريف بهما. ولست بالباحث الأديب الذي يستطيع أن يعرض عليكم في بلاغة وإيجاز صوراً (١) فتانة من أدبهما. غير أنني ربما أستطيع أن أقول شيئا من وجوه العبرة والقدوة في حياتهما، ووجوه من النعمة العظيمة من الله تعالى على العربية بهما:
قد اتحد الشاعران في الموطن وتقاربا في المولد والوفاة ولكنهما تباينا في البيئة والنشأة والمعيشة، فنشأ شوقي في بيت الأمارة، وفي بيئنه الخاصة، وعاش عيشة الترف والنعمة، ونشأ حافط في بيت أبيه، وفي بيئة عامة، وعاش عيشة البؤس والشدة. فكان من نعمة الله أن قسمت الحياة بينهما هذا التقسيم ليؤدي كل منهما للعربية رسالته من ناحيته ومؤثراتها الخاصة به.
فلقد أخرجت بيت الأمارة المرتبطة بالخلافة من شوقي، شاعر الإسلام والعرب والأحداث الإسلامية الكبرى والتاريخ الإسلامي العام وتاريخ العرب. وأخرجت البيئة العامة الرازحة تحت نير الظلم والمتجرعة لألوان الشقاء، والمتقلبة في دركات الانحطاط من حافظ