شاعر الأخلاق والاجتماع والوطنية ولا غناء لواحد من العرب عما جاء به كل واحد من الشاعرين في ناحيته. ولو لم يخلق الله إلا أحدهما لما تمت النعمة من الناحيتين.
كانت العربية القرآنية قد تنوسيت أساليبها وانقطع سند الأمة العربية عنها فجدد الشاعران من شبابها، وأعادا من بيانها، ما حسب الناس أنه مات مع الأيام الزاهرة للعرب بالمشرق والمغرب.
حسب قوم أن العربية لا تتسع لما جدَّ من المعاني إلا إذا خلعت عنها ثوب القرآن، ولبست- مثلهم- منسوجات "لانكشير" وأخوات "لانكشير"، فجاء الشاعران- خصوصا شوقي في العقد الأخير من عمره، من قصائدهما العصرية المعاني القرآنية اللغة والأسلوب والتراكيب- بأوضح الرد وأبلغ التكذيب.
عاش الشاعران كل على ما قسم له من الحياة حتى جاءت العرب العالمية الكبرى ووضعت أوزارها فإذا بشوقي يخرج إلى العالم من قفص دار الامارة، وإذا بحافط يدخله بؤسه إلى قفص الوظيف في دار الكتب المصرية.
فماذا كان من الشاعرين العظيمين بعد؟
كان منهما ما يجب أن تكون فيه أبلغ العبرة، فإن شوقي اتسعت شاعريته العالمية، وقويت نزعته الوطنية، وأما حافط فقد سكت، سكت إلا عن قليل كان أكثره رثاء! ولعمر الحق ما اسكته إلا الوظيف الذي ينسى به الشرقي- حتى مثل حافظ ويا للأسف- نفسه، وأمته، وملته، إلا ما شاء الله.
أيها الإخوان:
إن مما نفع شوقي اطلاعه على آداب أمم أخرى في لغة أوروبية