هي الفرنسية وأن مما نفع حافظا ما مسه من الألم مع قومه. وقد كان يطالع "الاغاني" و"العقد الفريد" ويعيد مطالعتهما المرة بعد المرة، فعلى أدباء الجزائر وشعرائها أن يدرسوا آدابهم العربية، وأن يطالعوا الآداب الغربية في اللغة الفرنسية وأن يمازجوا قومهم ليألموا وينعموا - إن كان نعيم- معهم، لتكون لهم منزلة أدبية عالمية، وآثار بارزة في الحياة الجزائرية.
أيها الإخوان:
إن حياة الشاعرين العظيمين قد اخمدت نوابغ وأماتت قرائح وإن موتهما بما نشاهد من تكريم العالم العربي لهما ستحيي ملكات، وتبعث همما، فكونوا- وأنتم أنتم- في أول الرعيل.
أيها الإخوان:
ليس للجزائر من حافظ إلا ما للأوطان العربية الأخرى من شعره وأدبه وفنون قوله، أما شوقي فقد قدر له أن يزور هذه الجزائر في شبابه وينزل بعاصمتها أربعين يوما للاستشفاء، ويقول عنها، "ولا عيب فيها سوى أنها قد مسخت مسخا، فقد عهدت مساح الأحذية فيها يستنكف النطق بالعربية، وإذا خاطبته بها لا يجيبك إلا بالفرنسوية". فاعجبوا للاستدلال على حالة أمة بمساح الأحذية منها! ولا يجمل بي أن أزيد في موقفي هنا على هذا، إلا أن فقيدنا العزيز لو رأى من عالم الغيب حفلنا هذا لكان له في الجزائر رأي آخر، ولعلم أن الأمة التي صبغها الإسلام، وهو صبغة الله، وأنجبتها العرب، وهي أمة التاريخ، وأنبتتها (١) الجزائر، وهي العاتية على الرومان والفاندال، لا تستطيع ولن تستطيع أن تمسخها الأيام، ونوائب الأيام.