للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائرية الحديثة في ميدان النهضة، وهذا ما حمل جرجي زيدان على أن يجعله في كتابه "بناة النهضة العربية" من القادة والساسة، بل كان أول شخصية تحدث عنها في كتابه هذا (١). والواقع أن الأمير عبد القادر أول من أثار الضمير الشعبي الجزائري، وبذر بذوراً بقيت تنمو في القلوب، وتمتد جذورها في الأرض الطيبة التي يجدر بالعالم الإسلامي أن يفخر بها، ويسميها بحق "أرض الشهداء" وبجانب ما للأمير من ثورة سياسية فإنه أضاف إليها ثورة فكرية، تتمثل في تلك الأبحاث الدينية والتاريخية والفلسفية والكلامية (٢) والصوفية (٣) التي قام بها، وحاول أن يفسر قول الإمام الغزالي (٥٠٥هـ - ١١١١م) (ليس في الامكان أبدع مما كان) يقول: "إن الآثار الكونية دلت على المعاني الإلهية، والحقائق الربانية، والمعاني الإلهية دلت على وجود ذات الإله المعبود، فما في العالم حقيقة كونية كلية أو جزئية تقابلها هي مستندها وعمدتها، والحقيقة الكونية هي معينها ومظهرها، فالنسخة الكونية مقابلة للنسخة الإلهية، ولا يلزم من تقابل النسختين واستناد إحداهما إلى الأخرى المساواة في الحقيقة والنسبة، ومن علم هذا علم صحة قول حجة الإسلام الغزالي رضي الله عنه" (٤).


(١) جرجي زيدان: "بناة النهضة العربية"، دار الهلال، القاهرة (دون تاريخ) [ص:١٢ - ٢٢].
(٢) "ذكرى العاقل وتنبيه الغافل" ألفه في سنة ١٢٧١هـ طبع للمرة الأولى بدمشق (وبدون تاريخ) وجاء في ١٣٢ صفحة.
(٣) كتاب "المواقف" في التصوف نحا فيه منحى ابن عربي يقف عند آيات قرآنية- معينة ويفسرها تفسيراً رمزياً صوفياً فيه نزعة افلاطونية محدثة على غرار المواقف للنفري. أنظر تعليق شكيب أرسلان على حاضر العالم الإسلامي القاهرة ١٣٤٣هـ، ج١، [ص:٧٣ - ٧٩]
(٤) حسن صعب، الوعى العقائدي، دار العلم للملايين، بيروت ١٩٥٩ [ص:١٠٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>