للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد إخفاق الأمير في معاركه ضد المستعمرين وخروجه من الوطن عاد الفكر الجزائري إلى جموده، وتحجر، وتحنطت الأخلاقية الإسلامية، والجهاد، في صورة زوايا وطرق، وأصنام.

ورغم بعد الأمير عن الوطن فإنه كان يقوم بنشاط في سبيل الإصلاح والنهضة بدليل انتسابه إلى الجمعية السرية السياسية التي أسسها جمال الدين الأفغاني (١٢٥٤ - ١٣١٤هـ / ١٨٣٩ - ١٨٩٧م) والتي تسمى بالعروة الوثقى (١) وهو نفس اسم الجريدة المعبرة عن آرائها. يقول رشيد رضا: (وقد كان من أعضائها الأمير عبد القادر الجزائري ومن اختار من انجاله ورجاله) (٢). كما أنه انضم إلى الجمعية الماسونية في الاسكندرية سنة ١٨٦٤م (٣)، وكان جمال الدين الأفغاني نفسه عضواً فيها ثم انسحب منها. ودعا الأمير إلى رفض التقليد واستعمال النظر فقال: (والمتبوعون من الناس على قسمين: قسم عالم مسعد لنفسه، ومسعد لغيره، وهو الذي عرف الحق بالدليل لا بالتقليد، ودعا الناس إلى معرفة الحق بالدليل لا بأن يقلدوه، وقسم مهلك لنفسه ومهلك لغيره، وهو الذي قلد آباءه وأجداده فيما يعتقدون ويستحسنون وترك النظر بعقله، ودعا الناس لتقليده، والأعمى لا يصلح أن يقود العميان، وإذا كان تقليد الرجال مذموماً غير مرضي في الاعتقادات، فتقليد الكتب أولى وأحرى بالذم وإن بهيمة تقاد أفضل من مقلد ينقاد، وأن أقوال العلماء والمتدينين متضادة متخالفة في الأكثر، واختيار


(١) صدر العدد الأول منها في ٥ جمادى الأولى سنة ١٣٠١ - ١٣ مارس سنة ١٨٨٤. صدر منها ١٨ عدداً آخرها صدر في ١٦ أكتوبر ١٨٨٤م.
(٢) تاريخ الأستاذ الإمام مطبعة المنار ١٣٥٠ - ١٩٣١ ج ١ ص ٢٨٣.
(٣) جرجى زيدان، بناة النهضة العربية ص ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>