العلم. ولا عجب فالعقل واحد مهما اختلفت الأعصار وتباينت الأفكار العقل السليم في هذا الشرق القريب وفي ذلك الشرق الأوسط وما وراءه من الشرق الأقصى لا يختلف في مظاهره الحقيقية عما هو عليه في أوروبا وأميركا وإفريقيا.
نعم لم يكن الشيخ طاهر كالمهاتما غاندي في حملاته حتى ولا في تصريحاته، المبدآن متفقان إلا قليلاً، ولكن ابن الوثنية جسر على العمل بمداه أكثر من ابن الإسلام. شعار غاندي "هندوسا كنا أم بارسيين نصارى أم يهوداً أياً كنا يجب إذا تاقت نفوسنا إلى أن نعيش أمة واحدة أن تكون مصلحة الفرد مصلحة الجماعة ولا عبرة إلا لعدل مطالبه" أما الشيخ الجزائري فكان يتوقع من القوم أن يقولوا هذا وهو لا يدعوهم إليه إلا بالإشارة والمثال البعيد. والحكيم الهندي قال ما اعتقده غير مجمجم فتخلص من قيود كثيرة وأراد أمته علنا أن تنهج سبيله فكانت شهرته شهرة عالمية وانحصرت شهرة الشيخ في بعض أصقاع العرب. وكان بعضهم يقول أن الشيخ ضنين بالإفادة حتى ادعى بعضهم "أن الشيخ طاهر بئر علم ولكن لا ينتفع بها" والحقيقة أنه يصعب على الشيخ مجاملة من يشتهى ولا مأرب له إلا أن يقال عنه أنه باحث وطالب فوائد فلا يرى أن يتعب نفسه في إفهام فضولي يسأله في الفلسفة العليا أو في مسائل تعلو عن محيط عقله على حين هو في حاجة إلى أن يتعلم القراءة والكتابة فكان في ضنانته هذه حكيما أيضا لا يظلم الحكمة فيلقي دررها بين أرجل من لا يعرف قدرها ولا يتأتى له أن يحسن الانتفاع بها. أما المستعدون للتلقي والترقي فكان يجهد أن يختصر لهم طريق الوصول إلى ما يريدون ويبعث كل حين عقليتهم ويفيض من واسع علمه (١) على أذهانهم وكلما