نصائح عمه أن لا يرهق نفسه ويكتفي من المنافسة مع أقرانه بما توصله إليه الطبيعة بدون إعنات ولا إنهاك بدن وهذا من قوة نفسه وصدق حدسه.
كان يكره الاستعمار كرها شديدا ويحب المدنية ويحث على تعلم لغات الغرب ويكره السياسة العثمانية ويقول أن استيلاء الترك على بلاد العرب أضر بها وأزال مدنيتها وغير أخلاقها ولم يكن ينكر على الأتراك أدبهم في عشرتهم ونظامهم في بيوتهم وحسن معاملتهم لكبرائهم. وكان يحب من أهل المدنيات الحديثة كل أمة ترفق بالمسلمين في الجملة ويحب من الناس من يصرف في خدمة المسائل العامة شيئا من وقته وماله. وكان يقول وهو على فراش الموت عدوا رجالكم واغفروا لهم بعض زلاتهم وعضوا عليهم بالنواجذ لتستفيد البلاد منهم ولا تنفروهم لئلا يزهدوا في خدمتكم يقول هذا رجل أخلص كل الإخلاص في خدمة أمته وتفانى في حبها ومعالجة أدوائها الاجتماعية وكان جماعا ما كافأته به في حياته عبوسا وانقباضا وتنغيصا وغصصا ثم عصيانا على إصلاحه الناجع كالطبيب النطاسي يريد الخير بمريضه المعربد وكلما ناوله الدواء عضه وأدماه وشتمه وآذاه "أريد حياته ويريد قتلي". وكان الشيخ كثيراً ما ينشد قول البهاء زهير:
يا أيها الباذل مجهوده ... في خدمة أف لها خامة
إلى متى في تعب ضائع ... بدون هذا تأكل اللقمة
تشقى ومن تشقى له غافل ... كأنك الراقص في الظلمة
ويشبه الشيخ من كثير من الوجوه غاندي الفيلسوف الهندي المعاصر وإن لم يكن له ما لهذا من الشجاعة وذلك أن الشيخ لا يحب الأذى ولا العنف ويحاول إحياء كل ما هو آسياوي من اللغات والتقاليد وتعليم الناس الصنائع وعدم الغفلة عما عند الأمم الغربية من مقومات