على غاية من الذكاء والوقوف على أسرار الأمم فكان ما كان مما هو معروف ثم زاد الأمر فطمعوا في تبديل التاريخ الهجري وساعدهم على ذلك، جبت مصر ففرحوا فرحاً لا مزيد عليه. وقال بعضهم: الآن شفينا الغليل من هذه الأمة غير أن كثيرا ممن انتبه لهذا الأمر سعى في إعادته على قدر الإمكان فامتعض أولئك القوم وصاروا يلمزون كل من يسعى في ذلك.
وهذه المسألة نظرا لتعلقها بتاريخ تأخر الشرق لا يتيسر أن يكتب فيها أقل من تاريخ نحو ثلاثين صفحة نحو ثلاثين يوما. وليت شعري كيف يلام المسلم على أن يؤرخ كتابه بالتاريخ الهجري فهل انقرض التاريخ الهجري وهل يريدون أن ينقرض وأصحابه أحياء؟ فإن قالوا أن المقصود توحيد التاريخ في الأمم وأوربا هي القوية الآن قيل أن أوروبا لها تاريخان أحدهما شرقي والآخر غربي وكل يؤرخ به قوم منهم فهل أوقف ذلك التجارة أو أثر في المدنية شيئا. ولم لا يكلفون تغيير مكاييلهم وموازينهم وأذرعهم لتتحد المقاييس في الأمم. وتغيير ذلك ليس فيه غضاضة بخلاف التاريخ. وقد رأيتهم يعتذرون عنهم ويعدون ذلك متانة في الأخلاق فانظر ما وصلنا إليه.
وهذا الكتاب يدلنا على أشياء كثيرة من سيرة الشيخ ومرماه ونصاعة حجته وجميل مناقشته لخصوم مشربه.
وكتب: "كان كثير من الحشرية يلومونني في تنبيه المؤلفين والطابعين على ما يلزمهم ويقولون أن هذا لا يفيد غير العداوة وأنت تضرب في حديد بارد وما دروا أني ممن يقول بأن العداوة في محلها أجدى عندي من أن أكسب المحبة من غير وجهها وأن معاداة الغاشين لي مما يسرني كما أن محبتهم لي مما يسوءني غير أن الزمان أبان أن كل نصيحة لا تخلو من تأثير ولو بعد حين فإن كثيرا ممن لحقتهم صدمة منا ومن