للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن رشيد. ولكنه لم يلبث حتى هزم وارتد إلى الكويت. ولعله كان مرتاحا في قرار نفسه إلى هذه النتيجة، وأنبأ ابنه أنه لا فائدة من أمثال تلك المحاولة، وأنه يريد أن يقضي بقية حياته في سكون ولا يطلب حقه في عرش نجد.

بيد أن ابنه عبد العزيز لم ينزل عن حقه فدعا أصدقاءه إليه، وجمع بعض البدو والذين يعول عليهم. ولما صارت جماعته أربعين رجلا خرجوا من الكويت خفية، كإحدى عصابات اللصوص، ودون اعلام أو أناشيد، وجعلوا يسيرون ليلا مسرعين متجنبين سبل القوافل المطروقة، حتى بلغوا مقربة من الرياض فعسكروا في واد منعزل. وفي ذلك اليوم نفسه اختار ابن سعود خمسة من الأربعين وخطب الباقين قائلا: "لقد وضعنا مصيرنا بين يدي الله، وسنذهب نحن الستة إلى الرياض، فإما استحوذنا عليها وإما فقدناها إلى الأبد، فإذا سمعتم صوب الحرب في المدينة فلتبادروا إلى عوننا. أما إذا لم تسمعوا شيئا منا حتى مغرب الغد فاعلموا أننا متنا إلى رحمة الله، وعودوا إلى الكويت سرا بالطريق الذي أتينا به".

وكذلك سار الستة على أقدامهم حتى بلغوا الرياض عند ابتداء الليل، ودخلوها من منفذ أسوارها كان ابن رشيد قد أمر بثقبه في نشوة انتصاره على المدينة، ومشوا قدما وأسلحتهم مخبأة تحت أرديتهم إلى أن وصلوا لبيت الأمير من قبل آل الرشيد (١)، وكان مغلقاً لأن الأمير اعتاد على قضاء الليل في الحصن المقابل للبيت خوفا من أهالي المدينة التي دانت له، فقرعوا الباب وفتحه أحد العبيد، فتغلبوا عليه دون جلبة وشدوا وثاقه، وكذلك فعلوا بغيره ممن كانوا في البيت إذ ذاك، ولم يكونوا إلا بعض الرقيق والنساء. ثم جعل الستة


(١) اسمه عجلان.

<<  <  ج: ص:  >  >>