يترقبون انبثاق الفجر وقضوا بقية الليل في قراءة القرآن لكي يبعث في قلوبهم قوة على أداء عملهم.
وفي الصباح فتحت أبواب الحصن وخرج الأمير يحيط به عدد من الخدم والأرقاء مسلحين، فاندفع ابن سعود ورفاقه الخمسة شاهرين سيوفهم هاتفين باسم ابن سعود وباغتوا الأمير وحراسه، ورمى عبد الله بن جلوى ابن عم عبد العزيز (وهو الآن أمير الحسا) بحربته (شلفته) نحو الأمير، ولكن هذا انحنى في اللحظة المناسبة وثقبت حائط الحصن في قوة هائلة ولا تزال عالقة به حتى اليوم. وقد فر الأمير إلى باب الحصن، وبينما يتبعه عبد الله إلى داخله هجم ابن سعود ورفاقه بسيوفهم المشهورة على حاشية الأمير، فلم تكد تدافع عن نفسها رغم تفوقها في العدد، لفرط الذعر الذي استولى عليها من هذه المباغتة.
وهنا بدأ الأمير فوق سطح الحصن صارخا، وقد سد عليه عبد الله بن جلوى المسالك، وكان يطلب منه الرحمة حتى سقط أخيراً عند حافة السقف منهوك القوى، وتلقى طعنة مميتة في عنقه. وكان ابن سعود يصيح في اللحظة نفسها:"إليَّ يا رجال الرياض. ها أنا ذا عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود أميركم صاحب الحق عليكم".
وكان رجال الرياض يمقتون مرهقيهم من أهل الشمال من أعماق قلوبهم، فلبوا النداء وجاءوا بأسلحتهم وركب رفاق ابن سعود الخمسة والثلاثون فاقتحموا أبواب المدينة يزيحون كل شيء أمامهم كالريح العاتية، وبعد ساعة واحدة صار ابن سعود سيد المدينة دون منازع.
وكان ذلك في سنة ١٩٠١م وبه ينتهي دور الشباب من حياة ابن سعود وبدأ الدور الثاني الخاص برجولته وإمارته.
وبعد ذلك شرع ابن سعود في فتوحاته وفق خطة منظمة وقد برهن على أنه لا يشبه غزاة العرب في شيء، فإن اتساع ملكه كان يجري