تبعا لنظام محدود، وكان ثمة أركان حرب وخريطة حربية كما في الغرب. ولكنه شخص ابن سعود كان وحده أركان الحرب، ثم إنه لم يكن قد رأى خريطة حربية من قبل له، وقد اتخذت فتوحاته شكل حركة حلزونية تبدأ من مركز لا يتبدل وهو الرياض. وكان لا يخطو خطوة إلى الأمام إلا بعد أن يؤمن ما سبق فتحه ويوطد فيه موقفه من الوجهة الحربية. وعلى ذلك احتل بالتدريج كل الأقاليم التي في شرق الرياض وشمالها. ثم استولى في سنة ١٩٠٤ على إقليم القصيم، وبه عنيزة وبريدة، وهو إقليم ذو ثروة وتجارة هامة.
ثم أخضع منطقة الأحراش التي في الغرب، والتي يسكن الجزء الأكبر منها قبائل عتيبة الكثيرة العدد. وفي سنة ١٩١٤ أقدم على مهاجمة إقليم الحسا على خليج العجم، وكان في الأيام الماضية تابعا لنجد، ولكنه وقع في أيدي الأتراك منذ خمسين عاما حين اضمحلت أسرة ابن سعود، وقد استحوذ على قاعدته الهفوف بعد قتال قصير، ووطد سلطته فيه. وأرادت الحكومة العثمانية أن تبعث إليه خطبة أدبية ولكن نشوب الحرب العالمية حال دون ذلك. وفي سنة ١٩٢١م سقط في يده جبل شمر ومدينة حايل، مهبط أسرة ابن رشيد. وبهذا فقدوا آخر عماد لملكهم ويئسوا من حكم بلاد العرب يأسا قد يكون إلى الأبد. وبين سنتي ١٩٢٤ و١٩٢٥م توج فتوحاته بالاستيلاء على الحجاز بما فيه مكة والمدينة وجدة وضمه إلى مملكته الواسعة.
إن ابن سعود ما كان يكتفي بإخضاع الشعوب مثل غزاة الشرق القدماء، ولكنه في فتوحاته يكوِّن (دولة) وينظر إلى جميع أجزائها كأنها أخوة متساوية الحقوق ما دامت تخلص الرغبة في التعاون، وهو يسعى دائما لأن يكسب الود الخالص ممن يقهرهم وأن يرغمهم على محبته، إذ يريهم أنه لا يهتم بمصالحهم أقل من اهتمامه بأهل موطنه. ولم يفعل ذلك حاكم عربي غيره منذ عهد الخليفة العظيم