عمر بن الخطاب. وهو منذ زمن بعيد لا يعد رجلا من الرياض بل تخطى روابط القبائل الضيقة المدى وصار رجل الجميع.
وقد عرف كيف ينمو في داخل نفسه مع نمو سلطانه. وهو لم يخرج قط من بلاد العرب ولا يعرف فوق وطنه غير البحرين والكويت والبصرة، ولا يدري من اللغات غير اللغة العربية، ولم يقرأ من الكتاب إلا الدينية منها وبعض كتب التاريخ العربية. ولكنه رغم كل ذلك يمتد بصره إلى مدى لم يماثله فيه ملك عربي من قبل فهو يعرف أحوال البلاد الإسلامية في العصر الحاضر خير معرفة، يعرف مثلا الأحزاب السياسية في مصر أو جاوه أو الهند، كما يقف على شؤونها والرجال المشتغلين بالسياسة في هذه البلاد. وهو يفهم المستحدثات الهندسية في الغرب كالطيران أو التلغراف اللاسلكي كما يفهمها الغربيون ويستحسنها كذلك وإن كان كثير من العرب ومن المتعلمين فيهم يعدونها من السِّحْر.
ولا يزال ابن سعود مع ذلك مسلما قوي الإيمان، وأساس اعتقاده أن كل ما يحدث من الله، ولذلك يمثل الرأي القائل بأن كل تقدم في الأمور المادية لا فائدة منه إذا لم يصحبه التعمق في العقيدة. فمن الطبيعي أن يبني حكمه على القواعد الدينية. وابن سعود يعتنق معتقدات (الوهابية) وهي حركة إصلاح في الإسلام ترجع إلى العلامة النجدي العظيم (محمد بن عبد الوهاب) الذي عاش في بداءة القرن الثامن عشر.
وترمي إلى تطهير الإسلام من جميع البدع والخرافات التي لصقت به مع مر الزمن والسمو به عن عبادة الأولياء. والوهابية أشد طوائف الإسلام ومبدؤها الأعلى أن على المؤمنين أن يتمثلوا في البساطة والنظام.
والواقع أن الغربيين يجهلون الإسلام لأنهم يحكمون عليه تبعا