للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقلنا في المناظرة عليها القصة التالية عن كتاب ((الإعتصام)) للإمام الشاطبي. وقد كان الفلج فيها لمن التزم هذا الأصل على من خالفه.

ــ

ذكر أبو اسحاق الشاطبي إن هذه القصة حكاها المسعودي، وحكاها الاجري- في كتاب الشريحة- بأبسط مما ذكره المسعودي. ونقلها هو عن المسعودي- قال- مع إصلاح بعض الألفاظ. قال (١):

"ذكر صالح بن علي الهاشمي قال: حضرت يوما من الأيام جلوس المهتدي للمظالم، فرأيت من سهولة الوصول ونفوذ الكتب عنه إلى النواحي فيما يتظلم به إليه ما استحسنته، فأقبلت أرمقه ببصري إذا نظر في القصص، فإذا رفع طرفه إليَّ أطرقت، فكأنه علم ما في نفسي.

فقال لي: ياصالح، أحسب أن في نفسك شيئا تحب أن تذكره - قال- فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، فأمسك. فلما فرغ من جلوسه أمر أن لا أبرح، ونهض فجلست جلوسا طويلا، فقمت إليه وهو على حصيرة الصلاة فقال لي: يا صالح، أتحدثني بما في نفسك؟ أم أحدثك؟ فقلت: بل هو من أمير المؤمنين أحسن.

فقال: كأنني بك وقد استحسنت من مجلسنا. فقلت: أي خليفة خليفتنا! إن لم يكن يقول بقول أبيه من القول بخلق القرآن. فقال المهتدي: قد كنت على ذلك برهة من الدهر، حتى أقدم عليَّ الواثق شيخاً من أهل الفقه والحديث من "أذنه" من الثغر الشامي، مقيداً طوالا، حسن الشيبة، فسلم غير هائب، ودعا فأوجز، فرأيت الحياء منه في حماليق عيني الواثق والرَّحمة عليه.

فقال (الواثق): يا شيخ، أجب أبا عبد الله أحمد بن دؤاد عما


(١) الإعتصام ١/ ٢٤٢ - ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>