للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسألك عنه. فقال: يا أمير المؤمنين، أحمد يصغر ويضعف ويقل عند المناظرة؛ فرأيت الواثق وقد صار مكان الرحمة غضبا عليه. فقال: أبو عبد الله يصغر ويضعف ويقل عند مناظرتك؟ فقال: هوِّن عليك يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في كلامه؟ فقال له الواثق: قد أذنت لك.

فأقبل الشيخ على أحمد فقال: يا أحمد إلامَ دعوت الناس؟ فقال أحمد: إلى القول بخلق القرآن، فقال له الشيخ: مقالتك (١) هذه التي دعوت الناس إليها من القول بخلق القرآن أداخلة في الدين فلا يكون الدين تاما إلا بالقول بها؟ قال: نعم. قال الشيخ: فرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- دعا الناس إليها أم تركهم؟ قال: لا. قال له: يعلمها أم لم يعلمها؟ قال علمها. قال: فلم دعوت الناس إلى ما لم يدعهم رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلبم- إليه وتركهم منه؟ فأمسك. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين هذه واحدة.

ثم قال له: أخبرني يا أحمد، قال الله تعالى في كتابه العزيز:

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} " الآية. فقلت أنت: الدين لا يكون تاما إلا بمقالتك بخلق القرآن، فالله- تعالى عز وجل- صدق في تمامه وكماله أم أنت في نقصانك؟ فأمسك، فقال: يا أمير المؤمنين! هذه ثانية.

ثم قال بعد ساعة: أخبرني يا أحمد، قال الله عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}.

فمقالتك هذه التي دعوت الناس إليها فيما بلغه رسول الله


(١) "ش": كلام الشيخ على مقالة ابن أبي دؤاد ينطبق على كل مقالة لم يدع إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس. وقام لها من بعده دعاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>