الجمل قال لي الفضل: ناشدتك الله أن تقطع علينا ما أمتعنا به من السهر في ليلتنا هذه بصفة جمل أجرب، فقال له الرشيد: أسكت فالإبل هي التي أخرجتك من دارك واستلبت تاج ملكك ثم ماتت وعملت جلودها سياطا ضربت بها أنت وقومك. فقال الفضل: عوقبت على غير ذنب، فالحمد لله. فقال الرشيد: أخطأت، الحمد لله على النعم. ولو قلت: أستغفر الله، كنت مصيبا. ثم قال لي: إمض في أمرك فأنشدته حتى إذا بلغت إلى قول عدي:
إستوى جالسا ثم قال: أتحفط في هذا ذكرا؟ قلت: نعم. ذكرت الرواة أن الفرزدق قال: كنت في المجلس وجرير إلى جانبي، فلما ابتدأ عدي في قصيدته قلت لجرير: مسرا إليه نسخر من هذا الشامي؟ فلما ذقنا كلامه يئسنا منه، فلما قال:
تُزْجِي أَغَنَّ كَأَنَّ إِبْرَةَ رَوْقِهِ
وعدي كالمستريح قال جرير: أما تراه يستلب بها مثلا؟ فقال الفرزدق يالكع، إنه يقول:
قَلَمٌ أَصَابَ مِنَ الدَّوَاةِ مِدَادَهَا
فقال عدي:
قَلَمٌ أَصَابَ مِنَ الدَّوَاةِ مِدَادَهَا
فقال جرير: أكان سمعك مخبوءاً في صدره. فقال له: أسكت شغلني سبك عن جيد الكلام فلما بلغ إلى قوله: