للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغربيين والشرقيين لأنه ينظر إليها بمنظار آخر مستمداً شواهده من المجتمعات المتخلفة الممتدة على خط طنجة- جاكارتا. يقسم الأستاذ مالك بن نبي الفترة الحديثة إلى قسمين ما قبل ١٩٢٥ وما بعدها.

أما الفترة الأولى فتتمثل فيها البطولات الجزائرية في صورة أفراد، وفي قوة رجال يمرون كأطياف أحلام في نوم تاريخي عميق.

وأما الفترة الثانية فتتمثل في حركة مجتمع، وتصارع أفكار، ومحاولة تغيير للحياة الأخلاقية والعقلية والإجتماعية والسياسية والدينية، وبعبارة أخرى فإن الشعب في هذه الفترة إستأنف رسالته، وبدأ تاريخه الجديد "أما في الماضي فقد كانت البطولات تتمثل في جرأة فرد، لا في ثورة شعب، وفي قوة رجل لا في تكاتف مجتمع، فلم تكن حوادثها تاريخاً بل كانت قصصاً ممتعة، ولم تكن صيحاتها صيحات شعب بأكمله وإنما كانت مناجاة ضمير لصاحبه، لا يصل صداه إلى الضمائر الأخرى فيوقظها من نومها العميق" (١) ويعتبر أنه كان صوت جمال الدين الأفغاني أثر في انبلاج فجر النهضة الجزائرية، ومعجزة الحياة في الجزائر بدأت بصوت الشيخ عبد الحميد بن باديس وندائه فأيقظ المعنى الجماعي، وحول مناجاة الفرد إلى حديث الشعب (٢) ويصور لنا حركة الأفكار وانتشار النظريات الإجتماعية في أوساط الشباب فيقول: "فهذا يرنو إلى المذهب الكمالي، وذاك يأخذ بالمذهب الوهابي، وذلك ينزع إلى التمدن الغربي، ومنهم من انحدر بفكره إلى مذهب المادة ... ونرى من بين هؤلاء وأولئك عمائم الإصلاح تدلنا على منهاج آخر يقوم على عقيدة صحيحة، ورجوع إلى السلف الصالح، وتغيير ما بالنفس من آثار الانحطاط" (٣) ويجعل حركة العلماء


(١) ن. م. ص ٢٢.
(٢) ن. م. ص ٢٣
(٣) ن. م. ص ٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>