للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين أقرب الحركات والقيادات إلى النفوس، ولكنها ما لبثت أن انحرفت منهجياً عن أهدافها، وأعطت القيادة للإنتهازيين السياسيين في سنة ١٩٣٦ في المؤتمر الجزائري الإسلامي (١) فأخفق المؤتمر ودب الشقاق في صفوف الجمعية كأن مركب النقص هو الذي جعلهم يسلمون الزعامة لرجل اللغة الأجنبية فسايروا قادة السياسة (٢)، في تلك الفترة ظناً منهم أنهم سيحمونهم ويدفعون عنهم شر الحكومة الفرنسية، باعتبار أن التغيير الإجتماعي الذي يبدأ في تغيير النفس هو الأساس في المشكلة، لا الذهاب إلى باريس والتعلق بسراب وعود الجبهة الشعبية، وهذا ما تأكد لهم فيما بعد حيث عبر ابن باديس عن ذلك بوجوب "الاعتماد على أنفسنا والإتكال على الله"، (٣).

ويوجه من ناحية أخرى نقداً للحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي التي وإن أخذت بفكرة الإصلاح الديني الذي يعتبر نقطة انطلاق في كل تغيير اجتماعي (٤) إلا أنها ابتدأت بمرحلة علم الكلام التي هي المرحلة الفكرية أو العقلية، وتخطت المرحلة الأخلاقية الروحية التي تؤدي إلى أول تغيير للقيم الإجتماعية فهذا يعتبر "مزلقة لا تؤدي إلى الوعي بقدر ما تؤدي إلى تعلم جدليات الكلام". إنه خطأ منهجي أدى إلى عدم تسجيل هذا الإصلاح في نسق الأحداث التاريخية التي تقرر مصير الجماعات الإنسانية (٥) ولكنه يستثني حركة الإصلاح في الجزائر، ويعود الفضل في ذلك في


(١) وقع في ١٧ جوان ١٩٣٦ بنادي الترقي بالجزائر العاصمة.
(٢) ن. م. ص ٢٦ - ٢٩.
(٣) وذلك في سنة ١٩٣٧.
(٤) وجهة العالم الإسلامي لمالك بن نبي ط. القاهرة ١٩٥٩ الترجمة العربية ص ١٧٤.
(٥) ن. م. ن. ص

<<  <  ج: ص:  >  >>