بقوله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ رَحِيمٌ} والتأسي به فيما فعل وفيما ترك يمن ومخالفته شؤم، ولنا به أسوة حسنة فالقراءة عند التشييع تركها فتركها من سنته أي من طريقته فهو سنة وفعلها ليس من طريقته فهو بدعة. والخير في الاتباع، والشر في الابتداع.
وخير أمور الناس ما كان سنة ... وشر الأمور المحدثات البدائع
هذا هو البيان الواضح لمدرك الإمام- رحمه الله- لا كما توهمه عبارة فضيلته من تهوين أمر الاتباع بأنه قصد التيمن والتبرك وأن الترك لا يدخل في لفط السنة لأنها هي الطريقة.
ثم قال:"ولما كان مالك لا يرى وصول ثواب القراءة للميت لم يوجد في نظره ما يعأرض مقصد التأسي فلذلك قال بكراهة القراءة فيها".
مذهب مالك أن ما تركه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- من الطاعات في موطن مع وجود المقتضي لفعله بحسب الظاهر فإنه يترك دون التفات إلى ذلك الذي يظهر أنه مقتضى إذ يترك النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- تبين أنه ليس بمقتضى في الشرع ففعل تلك الطاعة عليه اعتبار لما ألغاه الشارع واعتداد بما طرحه. وفي هذا معاندة له وافتيات عليه، ولهذا منع الذي أراد أن يحرم من المسجد النبوي وقرأ عليه قوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقد تقدم تفصيل هذا في سابق كلامنا، فلو أن مالكا كان يقول بوصول ثواب القراءة لما قال بها في التشييع لأن السنة فيه هي تركها، والدعاء المتفق على نفعه لا يقول به مالك في الركوع لأن السنة فيه هي تركه، وهكذا ما هنا.