فيجب على من ولاه الله من أمر المسلمين شيئا من السلطان والخلائف أن يمنعوا هؤلاء الطوائف، من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم أو يعينهم على باطلهم ثم إياكم والبدع فإنها تترك مراسم الدين خالية خاوية، والسكوت عن المناكر يحيل رياض الشرائع ذابلة ذاوية فمن المنقول عن المال، والمشهور في الأواخر والأوائل أن المناكر والبدع إذا فشت في قوم أحاط بهم سوء كسبهم وأظلم ما بينهم وبين ربهم وانقطعت عنهم الرحمات ووقعت فيهم المثلاث، وشحت السماء، وحلت النقماء وغيض الماء، واستولت الأعداء، وانتشر الداء، وجفت الضروع، ونقعت م بركة الزروع، لأن سوء الأدب مع الله يفتح أبواب الشدائد، ويسد طرق الفوائد، والأدب مع الله ثلاثة: حفط الحرية، بالاستسلام والاتباع، ورعاية السنة من غير إخلال ولا ابتداع ومراعاتها في الضيق والاتساع، لا ما يفعله هؤلاء الفقراء، فكل ذلك كذب على الله وافتراء، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، عن العرباض (١) بن سارية- رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله- صلى الله عليه وآله رسلم-، موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقام إليه رجل فقال يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا؟ أو قال: أوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة لمن ولي عليكم وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإيكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
(١) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده وأبو داود والترمذي وابن ماجمة والحاكم في المستدرك باختلاف يسير.