للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا المسجد فإن الله تعالى أدب قوماً فقال: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ...} الآية. ومدح قوما فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ ...} الآية. وذم قوما فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (١) وأن حرمته ميتاً كحرمته حياً. فاستكان لهما أبو جعفر (٣) وقد كان مالك- رحمه الله تعالى- إذا ذكر النبي- صلى


(١) أي فيما فعلوه محلك الرفيع وما يناسبه من التعظيم، الجلال المحلي. ومعنى الرفيع: العلي القدر والمحفوظ من إساءة الأدب، اهـ. صاوي. نعم إذا كان من يقول لشيخه لم لا يفلح فكيف بالتجاسر على خير الخلق على الإطلاق بالإطباق صلى الله عليه وآله وسلم.
(٢) وقال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}، بأن تقولوا يا محمد بل قولوا يا نبي الله يا رسول الله في لين وتواضع وخفض صوت، اهـ. محلي. قوله: لا تجعلوا دعاء الرسول أي نداءه بمعنى لا تنادوه باسمه فتقولوا يا محمد ولا بكنيته فتقولوا يا أبا القاسم بل نادوه وخاطبوه بالتعظيم والتكريم والتوقير بأن تقولوا يا رسول الله يا نبي الله يا إمام المرسلين يا رسول رب العالمين يا خاتم النبيين. واستفيد من الآية أنه لا يجوز نداء النبى بغير ما يفيد التعظيم لا في حياته ولا بعد وفانه. فبهذا يعلم أن من استخف بجنابه صلى الله عليه وسلم فهو كافر ملعون في الدنيا والآخرة. قوله: وخفض الصوت أي لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}. صاوي محشي الجلالين بالحرف. وفى الشفا ما نصه قال قال إبراهيم التيمي: واجب على كل مؤمن متى ذكره صلى الله عليه وسلم أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن من حركته ويأخذ في هيبته وفى جلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه صلى الله عليه وسلم ويتأدب بما أدبه الله، مثل قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ ... الخ، ولَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ...} وغيره كما تقدم، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>