للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَمِعَ ابْنَ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَابْنَ أَبِي الْيُسْرِ، وَجَمَاعَةً، وَحَدَّثَ بِصَحِيحِ مُسْلِمٍ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَتَفَقَّهَ بِوَالِدِهِ، وَتَأَدَّبَ بِعَمِّهِ، وَتَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الْمَذْهَبِ مَعَ الدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالتَّوَاضُعِ وَالصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ، جَاءَهُ تَقْلِيدٌ بِخَطَابَةِ دِمَشْقَ بَعْدَ عَمِّهِ، فَبَاشَرَ شَهْرًا، وَعَزَلَ نَفْسَهُ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَأَلَحَّوْا عَلَيْهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ فَامْتَنَعَ، وَنَابَ فِي مَشْيَخَةِ دَارِ الْحَدِيثِ أَشْهُرًا، فَبَهَرَتْ مَعَارِفُهُ وَخَضَعَ لَهُ الْفُضَلاءُ وَمَنَاقِبُهُ يَطُولُ شَرْحُهَا، قَرَأْتُ عَلَيْهِ مَشْيَخَةَ ابْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَاللَّهُ يَمُدُّ فِي عُمْرِهِ.

تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ سَابِعَ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِ مِائَةٍ، وَحُمِلَ عَلَى الرُّءُوسِ وَتَأَسَّفَ الْخَلْقُ لِفَقْدِهِ، وَمَاتَ فِي سَبْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.

أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، أنا ابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الطُّوسِيِّ، أنا نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، نا حَمْزَةُ بْنُ دَاوُدَ، نا الْهَدَادِيُّ، نا حُلَيْسٌ الْكَلْبِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: لَقِيَنِي عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ، فَقَالَ: احْفَظْ عَنِّي هَذِهِ الأَبْيَاتَ:

حَتَّى مَتَى تَسْقِي النُّفُوسَ بِكَأْسِهَا ... رَيْبُ الْمَنُونِ وَأَنْتَ لاهٍ تَرْتَعُ

أَفَقَدْ رَضِيتَ بِأَنْ تُعَلَّلَ بِالْمُنَى ... وَإِلَى الْمَنِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ تُرْفَعُ

أَحْلامُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ ... إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لا يُخْدَعُ

فَتَزَوَّدَنَّ لِيَوْمِ فَقْرِكَ دَائِبًا ... وَاجْمَعْ لِنَفْسِكَ لا لِغَيْرِكَ تَجْمَعُ

إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الْعَدْلُ زَيْنُ الدِّينِ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ الشِّيرَازِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>