سَمِعْتُهُ، يَقُولُ: مَضَيْتُ إِلَى بَانِيَاسَ أَيَّامَ النَّاصِرِ يُوسُفَ، وَكَانَ وَالِيَهَا ابْنُ بَرْقٍ فَأَكْرَمَنِي، فَقُلْتُ: أُرِيدُ أَتَفَرَّجُ، وَكَانَ الْفِرِنْجُ إِذْ ذَاكَ يَتَخَطَّفُونَ النَّاسَ لانْحِلالِ الدَّوْلَةِ، فَقَالَ: نَبْعَثُ مَعَكَ جَمَاعَةً، فَبَعَثَ مَعِي جَمَاعَةً، فَرَكِبْتُ فَرَسًا وَخَرَجْتُ ُمَعَهُمْ، فَتَقَدَّمُوا قُدَّامِي وَبَقِيَ يُسَايِرُنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَأَجْرَيْتُ ذِكْرَ الْفِرِنْجِ، وَقُلْتُ: عِنْدَكُمْ هَذَا السَّابِقُ شَاهِينُ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُنَكِّي فِي الْفِرِنْجِ، إِيشْ هُوَ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا السَّابِقُ، فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَحَدَّثَنِي أَشْيَاءَ جَرَتْ لَهُ، قَالَ: كَانَ إِفْرَنْجِيًّا يُؤْذِي النَّاسَ، فَأْكَمَنْتُ لَهُ مَرَّةً فِي مَضِيقٍ عِنْدَ بَابِ بَيْرُوتَ، فَمَرَّ بِي عَلَى حِصَانٍ، فَطَفِرْتُ صِرْتُ خَلْفَهُ وَقَمَّطْتُهُ بِيَدِي فَهَمَزَ فَرَسَهُ، وَكَانَ عَلَى تَلٍّ عَالٍ تَحْتَهُ الْبَحْرُ، فَطَفِقَ الْحُصَانُ إِلَى الْبَحْرِ، فَقَتَلْتُهُ فِي الْمَاءِ وَخَرَجْتُ بِالْحِصَانِ، وَجِئْتُ بِهِ وَمَرَّةً احْتَجْنَا إِلَى خُبْزٍ أَنَا وَأَصْحَابِي وَطَلَعْتُ إِلَى قَرْيَةٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، فَدَخَلْتُ بَيْتًا، وَإِذَا صَبِيٌّ فِي سَرِيرٍ، فَأَجْلَيْتُ خَلْفَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ هَوًى مِنَ اللَّيْلِ بَكَى الصَّغِيرُ، وَأَلَحَّ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: يَا سَابِقُ شَاهِينُ خُذْهُ تُفْزِعُهُ بِذَلِكَ، فَقُلْتُ فِي الْحَالِ: هَاتِيهِ.
فَارْتَعَدَتْ، وَكَادَتْ يُغْشَى عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: أُرِيدُ خُبْزًا، فَقَامَتْ وَأَحْضَرَتْ خُبْزًا كَثِيرًا وَمَوَاكِيلَ، وَقَالَتْ: يَا سَيِّدِي أَنَا أَكُونُ أَبْعَثُ لَكُمْ وَأَنْتَ لا تَجِيءُ.......
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الإِمَامُ الْفَاضِلُ الْمُتَبَتِّلُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ شَيْخِنَا الإِمَامِ أَبِي الْحُسَيْنِ ابْنِ الشَّيْخِ الْفَقِيهُ الْيُونِينِيُّ الْحَنْبَلِيُّ شَيْخُ بَعْلَبَكَّ وَابْنُ شَيْخِهَا
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّ مِائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ الْجَلالِ بْنِ الصَّيْرَفِيِّ، وَالشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ، وَابْنِ عَلانَ، وَالْفَخْرِ عَلِيٍّ وَعِدَّةٍ، وَشَارَكَ فِي الْفَضَائِلِ، وَكَانَ ذَا سُؤْدَدٍ، وَعَقْلٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَحُسْنِ مُحَاضَرَةٍ، مَرَّتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute