كُلَيْبُ بْنُ الْبُكِير اللَّيْثِىُّ فَأَقَامَ عَلَيْهَا حَتَّى كَفَّنَهَا وَوَارَاهَا، فذُكِرَ لِعُمَرَ فَقَالَ: (مَنْ مَرَّ بِهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالُوا: لَقَدْ مَرَّ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ فَيِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنَ النَّاسِ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: وَيْحَكَ مَرَرْتَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمينَ مَطْرُوحَةٍ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيق فَلَمْ تُوَارِهَا وَلَمْ تُكَفِّنْهَا، قَالَ: وَاللَّه مَا شَعَرْتُ بِهَا وَلَا ذَكَرَهَا إِلىَّ (أحَدٌ)، فَقَالَ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيكَ خَيرٌ، فَقَالَ: مَنْ وَارَاهَا وَكَفَّنَهَا؟ قَالُوا: كُلَيْبُ بْنُ بُكَيرٍ الليْثِىُّ، قَالَ: وَاللَّه لحَرِىٌّ أَنْ يُصِيبَ كُلَيْبٌ خَيْرًا، فَخَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ بِدِرَّتِهِ لِصَلَاةِ الصُّبْح، فَلَقِيَهُ الْكَافِرُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَطَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ بَيْنَ الثُّنَّةِ وَالسُّرَّةِ وَطَعَنَ كُلَيْبَ بْنَ بُكْيرٍ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ، وَتَصَايَحَ النَّاسُ، فَرَمَى رَجُلٌ عَلَى رَأَسِهِ بِبُرْنُسٍ ثم اضْطَبَعَهُ عَلَيْهِ، وَحُمِلَ عُمَرُ إِلَى الدَّارِ، فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف بِالنَّاسِ، وَقِيلَ لِعُمَرَ: الصَّلَاةُ، وَجُرْحُهُ يَثْغبُ، قَالَ: لَا حَظَّ لمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، فَصَلَّى وَدَمُهُ يُثْغِبُ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأسٌ وَإِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يُبْقى اللَّه لَكَ فِى أَثَرِكَ وَيُؤَخِّرَكَ إِلَى حِينٍ! فَدَخَلَ عَلَيْه ابْنُ عَبَّاسٍ -وَكَانَ يُعْجَبُ بِه- فَقَالَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَنْ صَاحِبِى؟ ثُمَّ خَرَجَ فَجَاءَ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، صَاحَبُكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِىُّ غُلَامُ الْمُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ فَكَبَّرَ حَتَّى خَرَجَ صَوْتُهُ مِنَ الْبَاب، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذى لَمْ يَجْعَلْ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمينَ يُحَاجُّنِى بِسجْدةٍ سَجَدَهَا للَّه يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ: أَكَانَ هَذَا عَنْ مَلأٍ مَنكُمْ؟ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّه، وَاللَّه لَوَدِدْنَا أَنَّا فَدَيْنَاكَ بِأَبْنَائِنَا وَزدْنَا فِي عُمُرِكَ مِنْ أَعْمَارنَا، إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأسٌ، فَقَالَ: أَىْ يرفأ! اسْقِنِى، فَجَاءَهُ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ حُلْوٌ فَشَرِبَهُ فَأَلْصَقَ رِدَاءَهُ بِبَطْنِهِ، فَلَمَّا وَقَعَ الشَّرَابُ فِى بطْنِهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنَاتِ فَقَالُوا: الْحَمْدُ للَّه هَذَا دَمٌ اسْتَكَنَّ فِي جَوْفِكَ فَأَخْرَجَهُ اللَّه مِنْ جَوْفِكَ، قَالَ: أَىْ يَرْفأ: اسْقِنِى لَبَنًا، فَجَاءَهُ بَلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَلَمَّا وَقَعَ فِى جَوْفَهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنَات، فَلَمَّا رَأوْا ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ هَالِكٌ، قَالُوا: جَزَاكَ اللَّه خَيْرًا قَدْ كُنْتَ تَعْمَلُ فِينَا بَكِتَابِ اللَّه وَتَتَّبِعُ سَنَّةَ صَاحِبَيْكَ، لَا تَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، جَزَاكَ اللَّه أَحْسَنَ الْجَزَاءِ قَالَ: أَبِلإِمَارَةِ تَغْبِطُونَنِى؟ فَوَاللَّه لَوَدِدْتُ أَنِّى أَنْجُو مِنْهَا كفَافًا لَا عَلَىَّ وَلَا لىَّ، قُومُوا فَتَشَاوَرُوا فِى أَمْرِكُمْ، أَمِّرُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute