للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُقِيمُ يَا رَسُولَ الله؟ فَجَعَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ نَاحيَةَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْفَجْرِ فَيَقُولُ: لَا، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجَرُ نَزَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَرَّزَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَىَّ وَقَدْ تَلاَحَقَ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: هَلْ مِنْ مَاءٍ يَا أَخَا صُدَاءٍ، فَقُلْتُ: لَا إلَّا شَىْءٌ قَلِيلٌ لاَ يَكْفِيكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - اجْعَلْهُ فِى إِنَاءٍ ثُمَّ ائْتنِى بِهِ، فَفَعَلْتُ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِى الْمَاِءِ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ كُلِّ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِه عَيْنًا تَفُورُ، قَالَ لِى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لَوْلَا أَنِّى أَسْتَحِى مِنْ رَبِّى لَسَقَيْنَا وَأَسْقَيْنَا، فَأَرِنِى أَصْحَابِى مَنْ لَهُ حَاجَةٌ فِى الْمَاءِ، فَنَادَيْتُ فِيهِمْ، فَأَخَذَ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَرَادَ بِلاَلٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ هُوَ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ، قَالَ الصُّدَائِىُّ: فَأَقَمْتُ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (الصَّلَاةَ) (*) أَتَيْتُهُ بِالْكِتَابيَنِ، فَقُلْتُ: يَا نَبِىَّ الله أَعْفِنِى مِنْ هَذَيْنِ. فَقَالَ: مَا بَدَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا نَبِىَّ الله تَقُولُ: لَا خَيْرَ فِى الإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤمِنٍ، وَأَنَا أُؤمِنُ بِالله وَرَسُولِهِ، وَسَمِعْتُكَ تَقُولُ لِلسَّائِلِ: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَهُوَ صُدَاعٌ فِى الرَّأسِ، وَدَاءٌ فِى الْبَطْنِ، وَسَأَلْتُكَ وَأَنَا غَنِىٌّ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ دَاءٌ، فَإِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ، وَإنْ شِئْتَ فَدَعْ، فَقُلْتُ: أَدَعُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: فَدُلَّنِى عَلَى رَجُلٍ أُؤَمِّرُهُ عَلَيْكُمْ، فَدَلَلْتُهُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ فَأَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ قُلْنَا: يَا نَبِىَّ الله إِنَّ لَنَا بِئْرًا إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ وَسِعَنَا مَاؤُهُا، وَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهَا، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ قَلَّ مَاؤهُا فَتَفَرَّقْنَا عَلَى مِيَاهٍ حَوْلَنَا، وَقَدْ أَسْلَمْنَا، وَكُلُّ مَنْ حَوْلَنَا عَدُوٌّ لَنَا، فَادْعُ الله لَنَا فِى بِئْرِنَا أَنْ يَسَعَنَا مَاؤُهَا فَنَجْتَمِعَ عَلَيْهَا، وَلَا نَتَفَرَّقَ، فَدَعَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَفَرَكَهُنَّ فِى يَدِهِ، وَدَعَا فِيهِن، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبُوا بِهَذِهِ الْحَصَيَاتِ، فَإِذَا أَتَيْتُمُ الْبِئْرَ فَأَلْقُوا وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَاذْكُرُوا اسْمَ الله، قَالَ الصُّدَائِىُّ: فَفَعَلْنَا مَا قَالَ لَنَا، فَمَا اسْتَطَعْنَا بَعْدُ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى قَعْرِهَا".

البغوى، كر، وقال: هذا حديث حسن (١).


(*) ما بين القوسين أثبتناه من كنز العمال برقم ٣٧٠٧٥
(١) الحديث في المعجم الكبير للطبرانى في ترجمة: زياد بن الحارث الصدائى، ج ٥ ص ٣٠٢ رقم ٥٢٨٥ من روايته، مع اختلاف في اللفظ، وتقديم وتأخير. =

<<  <  ج: ص:  >  >>