للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦٩/ ٣ - " عَنْ عَبْد الرَّحْمن بْنِ غَنْمٍ، قَالَ: دَخَلْنَا مَسْجِدَ الجَابِيَة أَنَا وَأَبُو الدَّرْدَاءِ (أَلْفيْنَا) عُبادَةَ بْنَ الصَّامِت (فَأَخَذَ يَمِينِى بِشمالِهِ، وَشِمالِ أَبِى الدرداء بيمينه فخرج يمشى بيننا) فَلقِينَا عُبَادَةَ بنَ الصَامِتِ، فقال عُبادةُ: طال بكُمَا عُمْرُ أَحَدِكُما أَوْ كلاَكُما فَيُوشِكُ أَنْ تَرَيَا الرَّجُلَ مِنْ ثَبَج المُسْلِمِينَ (*) قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى لِسَان مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - أَعادَهُ وَأَبْدَاهُ وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَنَزَلَ عِنْدَ مَنَازِلِهِ أَوْ (قَرأَه) عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ لاَ (يحور فيكم) (* *) إِلَّا كَما يحورُ رَأسُ الحِمارِ الميِّت، فَبَيْنَما نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنًا شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَجَلَسَا إِلَيْنَا، فَقَالَ شَدَّادٌ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَيَّهَا النَّاسُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مِن الشَّهْوَةِ الْخَفيَّةِ وَالشِّرْكِ. فَقالَ عُبَادَةُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ أَوَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ حَدَّثَنا أَنَّ الشَّيْطَانَ قدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِى جَزِيرَةِ العَرَبِ؛ فَأَمَّا الشَّهْوَةُ الخَفِيَّةُ، فَقَدْ عَرَفْنَاهَا، فَهِىَ شَهَواتُ الدُّنْيا مِنْ نِسَائهَا وَشَهَوَاتها، فَما هَذَا الشِّرْكُ الَّذِى تخَوِّفُنَا بِه يَا شَدَّادُ؟ قَالَ: أَرَأَيْتكُمْ لَوْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا يُصَلِّى لِرَجُلٍ أَو يَصُومُ لَهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ لَهُ، أَوَ تَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ شَدَّادٌ: فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَنْ صَلَّى يُرَائِى فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَام يُرَائِى فَقَدْ أشْرَكَ، وَمَنْ يُرائِى فَقَدْ أَشْرَكَ. فَقالَ عَوْفٌ: وَلاَ يَعْمُد الله (إِلَّا) مَا ابْتُغِىَ فيه وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ العَمَلِ كُلِّه، فَيَتَقَبَّلُ منْهُ مَا خَلُصَ لَهُ، وَيَدعُ مَا أَشْرَكَ بِه فِيهِ، فَقالَ شَدَّادٌ: فَإِنِّى سَمِعتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: قَالَ الله تَعالَى: (أَنَا خَيْرُ (قَسيمٍ) فَمَنْ أَشْرَكَ بِى شَيْئًا فَإِنَّ جَسَدَهُ وَعَمَلَهُ وَقَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لِشَرِيكِهِ الَّذِى أَشْرَكَ (بِهِ)، أَنَا عَنْهُ غَنِىٌّ (* * *) ".


= وفى دلائل النبوة للبيهقى، ج ١ ص ١٣٩ إلى ص ١٤٢ باب: ذكر رضاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومرضعته وحاضنته، من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الله الحافظ، عن عبد الله بن عباس الحديث مطولا بأغلب ألفاظه.
(*) معنى (ثبج المسلمين) الثبج: الوسط وما بين الكاهل إلى الظهر، أى من وسط المسلمين، وقيل من سراتهم وعليتهم (النهاية ١/ ٢٠٦).
(* *) أى لا يرجع فيكم بخير، ولا ينتفع بما حفظ من القرآن، كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. نهاية ١/ ٤٥٨.
(* * *) ملحوظة: ما بين الأقواس استدركناه من ابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>