للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُورَةٌ بَيْضَاءُ، وَإذَا رَجُل شِبْهُ المَرْأَةِ ذُو عَجزَةٍ وَسَاقَيْنِ، قَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا دَاوُدُ فَأَعَادَها، وَفَتَحَ بَيْتًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خرْقَةَ حَريرٍ خَضْراءَ فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا رَجُلٌ أَوْ قَصُ (*) قَصيرُ الظَّهْر، طَويلُ الرِّجْلَيْنِ عَلَى فَرَسٍ لِكُلِّ شَىْءٍ منْهُ جِنَاحٌ، فَقَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا سُلَيْمَانُ وَهَذِهِ الرِّيحُ تَحْمِلُهُ، ثمَّ أَعَادَهَا، وَفَتَحَ بَيْتا آخَرَ فيهِ حَرِيرَةٌ خَضْرَاءُ فَنَشَرَهَا فَإِذَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ وَإِذَا رَجُلٌ شَابا حَسَنُ الوَجْهِ حَسَنُ العَيْنَيْنِ شَدِيدُ سَوَادِ اللِّحَيْةِ، يَشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَقَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَأَعَادَهَا وَأَطبَقَ الرَّبْعَةَ، قَالَ: قُلنَا أَخْبِرْنَا عَنْ قِصةِ الصُّوَرِ مَا حَالُهَا فَإِنَّا نَعْلَمُ انَها تُشْبه الَّذِينَ صَوَّرْتَ صُوَرَهُمْ، فَإِنَّا رَأَيْنا نَبِيّنَا - صلى الله عليه وسلم - يُشْبِهُ صُورَتَهُ، قَالَ: أُخْبِرْنَا أَن آدَمَ سَألَ رَبَّهُ أَنْ يُريَهُ أَنْبِيَاءَهُ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ صُوَرَهُمْ، فَاسْتَخْرَجها ذُو القَرْنَيْنِ مِنْ خِزَانَة آدَمَ فِى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَصَوَّرَهَا لَنَا دَانْيَالُ فِى خِرَقِ الحَرِيرِ عَلَى تِلكَ الصُّوَرِ، فَهِىَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا، امَا والله لَودِدْتُ أَنَّ نَفْسِى طَابَتْ بالخُرُوجِ مِنْ مُلكِى فَتَابَعْتُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، وَأَنْ أَكُونَ عَبْدًا لأسْوَئِكُمْ مَلَكَةً، وَلَكِنَّ نَفْسِى لاَ تَطِيبُ، فَأَجَازَنَا، فَأَحْسَنَ جَوَائِزَنَا، وَبَعَثَ مَعَنَا مَنْ يُخْرِجُنَا إِلَى مَأمَنِنا، فَانْصَرَفْنا إِلَى رِحَالِنَا، قَالَ القَاضِى: كُنَّا أَمْلَيْنَا هَذَا الخَبَرَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَمَعَانِى الخَبَرَيْنِ مُتَقَارِبَةٌ، وَلَمَّا حَضَرَنَا هَذَا الخَبَرُ مِنْ هَذَا الطَّريق، وَسَمْنَاهُ هَاهُنا، وَقَدْ تَضَمَّنَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ نَبِيِّنا، وَصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ عَلَى كَثْرَةِ الأَخْبَارِ وَالرِّوَايَات فِيهِ، وَشَهَادَة الكُتُب السَّالِفَةِ مَعَ تَأييدِ الله جَلَّ اسْمُهُ بالآياتِ الَّتِى أَظهَرَهَا عَلَى يَدِهِ والأعلاَمِ

الشَّاهدَة لَهُ".

كر (١).


(*) أوقص: الأوْقَصُ: الذى قَصُرت عنقه خِلقةً. النهاية.
(١) الحديث في دلائل النبوة ١/ ٣٨٦ - ٣٩١ طبع بيروت: باب: ما وجد من سورة نبيا محمد - صلى الله عليه وسلم - مقرونة بصورة الأنبياء قبله، مع تفاوت في الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>