وكذلك قالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب، بعد ما سر من مكة مهاجرا فجزعت عليه بنو هاشم فانبعثت تقول: عينى جودا بالدموع السواجم ... على المرتضى كالبدر من آل هاشم على المرتضى للبر والعدل والتقى ... وللدين والدنيا بهيم المعالم على الصادق الميمون ذى الحلم والنهى ... وذى الفضل والداعى لخير التراحم فشبهته بالبدر ونعتنه بهذا النعت، ووقعت في النفوس لما ألقى الله تعالى منه في الصدور. ولقد نعتته وإنها لعلى دين قومها وكان - صلى الله عليه وسلم - أجْلَى الجبين، إذا طلع جبينه من بين الشعر أو اطلع في فلق الصبح أو عند طَفَل الليل أو طَلع بوجهه على الناس - تراءَوا جبينه كأنه ضوء السراج الموقد بتلألأ. وكانوا يقولون: هو - صلى الله عليه وسلم - كما قال شاعره حسان بن ثابت: متى يبدُ في الداج البهيم جبينه ... يَلُحْ مثل مصباح الدجى المتوقد فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لِمُلحِدِ وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - واسع الجبهة، أزج الحاجبين سابغهما؛ والحاجبان الأزجان: هما الحاجبان المتوسطان اللذان لا تعدو شعرة منهما شعرة في النبات والاستواء من غير قرن بينهما، وكان أبلج ما بين الحاجبين حتى كأن ما بينهما الفضة المخلصة. بينهما عرق يدرّه الغضب، لا يرى ذلك العرق إلا أن يدره الغضب. والأبلج: النَّقِىّ ما بين الحاجبين من الشعر وكانت عيناهَ - صلى الله عليه وسلم - نَجْلا وَإنِ أدْعَجَهما، والعين النجلاء: الواسعة الحسنة -والدّعَجُ: شدة سواد الحدقة، لا يكون الدعج في شئ إلا في سواد الحدق، وكان في عينيه تمزج من حمرة، وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها؛ أقنى العِرنين- والعرنين: المستوى الأنف من أوله إلى آخره، وهو الأشم. =