للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذعر الإِبِلُ وَيَفْزعَ المسُلمِوُنَ مِنْ طُولِى، فَإِنَّ خَلقِى لَيْسَ كخَلقِكُمْ، قُولَا لَهُ: يَأتِينِى قَالَ حُذَيْفَةُ وَأنَس: فَصَافَحْنَاهُ، فَقَالَ لأنسٍ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: حُذَيفَةُ بْنُ اليَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَحَّبَ بِه، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ إِنَّهُ لَفِى السَّمَاءِ أَشْهَرُ مِنْهُ فِى الأرْضِ، يسَمِّيهِ أهْلُ السَّمَاءِ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ حُذَيْفَةُ: هَلْ تَلقَى المَلائِكَةَ؟ قَالَ: مَا مِنْ يَوْمٍ إِلا وَأنَا أَلقَاهُمْ ويُسلِّمُونَ وَأسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، فَأتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ مَعَنَا حَتَّى أتَيْنَا إِلَى الشِّعْبِ، وَهُوَ يَتِلألأ وَجْهُهُ نُورًا، وَإذَا ضَوْء وَجْهِ إِليَاسَ وَثَيَابهُ كَالشَّمْسِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رِسْلِكُمْ، فَتَقَدَّمَنا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْرَ خَمْسِين ذرَاعًا، وَعَانَقَهُ ملِيّا ثُمَّ قَعَدَا، قَالَا فَرَأَينَا شَيْئًا كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ العِظَام بِمَنْزِلَةِ الإِبِلِ قَدْ أحْدَقَتْ بِهِ وَهِىَ بِيض، وَقَدْ نَشَرَتْ أجنحتها فَحَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهم، ثُمَّ صَرَخَ بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة وَيَا أَنَسُ تَقَدَّما، فَتَقَدَّمْنَا، فَإِذَا بَيْنَ أيْدِيهِمْ مَائِدَة خَضْرَاءُ لَمْ أرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، قَدْ غَلَبَ خُضرَتُهَا فصَارت بَيَاضَنَا، فَصَارَتْ وُجُوهُنَا خَضْرَاءَ، وثِيَابُنَا خَضْرَاءَ، وَإذَا عَلَيهَا خبز وَرمُّان، وَمُوزٌ وَعِنَب، وَرَطب وَبَقْلٌ مَاخَلا الكُرَّاثَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كلُوا بِاسْم اللهِ، قَالَ فَقُلنَا يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ طَعَام الدُّنْيَا هَذَا؟ قَالَ: لا، قَالَ: لَنَا هذا رِزْق وَلِىَ فِى كُلِّ أَربَعِينَ يَوْمًا وَأرْبَعِينَ لَيْلَةً أكلَة وتَأتِينِى بِهَا المَلائِكَةُ، وَهَذَا تمام الأرْبَعِينَ يَوْمًا وَالليَالِىَ، وَهُوَ شَىْء يَقُولُ اللهُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، فَقُلنَا: مِنْ أَيْنَ وَجْهُكَ؟ قَالَ: وَجْهِى مِنْ خَلفِ رُومِيَّةَ، كنتُ فِى جَيش مِنَ المَلائِكَةِ مَعَ جَيْشٍ مِنَ المُسْلِمَين غَزَوَا أمَّة مِنَ الكُفَّارِ، فَقُلنَا: فَكَمْ يُسَارُ مِنْ ذَلِكَ الموَضعْ الَّذِى كنتَ فِيهِ؟ قَالَ: أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ، وَفَارَقْتُهُ أَنَا منذُ عَشَرَةِ أيَّام، وَأَنَا أرِيدُ إِلَى مَكَّةَ أَشْرَبُ بِهَا فِى كُلِّ سَنَة شَرْبَةً، وَهِىَ رِيتى وَعِصْمَتى إِلَى تَمَام الموَسْم بَعْد قَابِلٍ، فَقُلنَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>