للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= من وحى الشيطان وأمره" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، عن قتادة، ورواه بعضهم عن عبد الصمد، ولم يرفعه.
قال المباركفورى: قوله (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وابن أبي حاتم وغيرهم.
ثم قال: قال الحافظ ابن كثير: هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه، أحدها: أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري، وقد وثقه ابن معين، ولكن قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به، ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة مرفوعًا، فالله أعلم.
الثاني: أنه قد روى من قول سمرة نفسه ليس مرفوعًا.
الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعًا لما عدل عنه اهـ.
ثم أضاف الماركفورى: قلت: عمر بن إبراهيم المذكور وثقه غير واحد من أئمة الحديث، لكنه ضعيف في رواية الحديث عن قتادة كما عرفت، وهذا الحديث رواه عن قتادة، وفي سماع الحسن من سمرة كلام معروف.
والحديث في مسند الإمام أحمد (من حديث سمرة بن جندب) جـ ٥ صـ ١١ قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي، ثنا عبد الصمد، ثنا عمر بن إبراهيم، ثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لما حملت حواء ... الحديث".
وقد أورد الحاكم في مستدركه في (كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين) جـ ٢ صـ ٥٤٥ حديثًا في معنى الحديث الذي معنا، قال: حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي المقرى ببغداد، ثنا أبو قلابة، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا عمر بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كانت حواء لا يعيش لها ولد فنذرت: لئن عاش لها ولد تسميه عبد الحارث، فعاش لها ولد فسمته عبد الحارث، وإنما كان ذلك عن وحى الشيطان".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
وقد أورد ابن كثير الحديث في تفسير آية {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ... } إلى قوله: {فَتَعَالى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} آية ١٩٠ من سورة الأعراف جـ ٣ صـ ٥٢٩ وما بعدها ورد عليه بردود تضعف الحديث ثم ذكر رأى الحسن بأن ذلك كان في بعض الملل ولم يكن بآدم أو أنهم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا ونصَّرُوا وقال: وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رحمه الله أنه فسر الآية بذلك وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عدل عنه هو ولا غيره لا سيما مع تقواه لله وورعه فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابى ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم مثل كعب أو وهب بن منبه وغيرهما كما سيأتي بيانه إن شاء الله إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع والله أعلم.
وأرى أن الحديث يمكن حمله أيضًا على امرأة غير حواء أم البشر فكل امرأة يصح أن يطلق عليها حواء وكل حامل يطيف بها إبليس.

<<  <  ج: ص:  >  >>