قال المحقق: (فليقل آمنت بالله) معناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى -الله تعالى- في إذهابه. قال الإمام المازرى رحمه الله: ظاهر الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالأعراض عنها والردِّ لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها. قال: والذي يقال في هذا المعنى: إن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها؛ وعلى هذا يحمل الحديث. وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة. فكأنه لما كان أمرا طاريا بغير أصل دُفع بغير نظر في دليل؛ إذ لا أصل له ينظر فيه. وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها. والله أعلم. وأخرجه أبو داود في سننه (باب: في الجهمية) ج ٥ ص ٩١ رقم ٤٧٢١ بلفظ: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خَلَقَ الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل آمنت بالله". وأخرجه البخاري في بدء الخلق (٤/ ١٤٩) باب: صفة إبليس وجنوده، وفي الاعتصام (٩/ ١١٩) - عن أنس -باب: ما يكره من السؤال، ومسلم- عن أبي هريرة- في الإيمان، حديث ١٣٤ باب: بيان الوسوسة في الإيمان ... إلخ. ونسبه المنذري للنسائى أيضًا. (*) ما بين القوسين رمز مسلم ليس ظاهرا في الأصل. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب (الإمارة) باب: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم "ج ٣ ص ١٥٢٥ رقم ١٩٢٥ بلفظ: حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هُشيم، عن داود ابن أبي هند، عن أبي عثمان، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال أهل الغَرْبِ ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة". (أهلَ الغرب) قال علي بن المدينيّ: المراد بأهل الغرب: العرب. والمراد الغرب: الدلو الكبير، لاختصاصهم بها غالبا. وقال الآخرون: المراد به: الغرب من الأرض. وقال معاذ: هم بالشام. وجاء في حديث آخر: هم ببيت المقدس. وقيل: هم أهل الشام وما وراء ذلك. قال القاضي: وقيل المراد بأهل الغرب: أهل الشدة والجلد. وغرب كل شيء: حده.