يومئذٍ رجالٌ من المسلمين، وكان مِرْبَدًا للتَّمْرِ لِسَهْلٍ وسُهَيلٍ غلامين يَتِيمَيْنِ في حَجْر أسعَد بن زرارة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بركَتْ بِهِ راحِلَتَهُ:"هذا إن شَاء الله المَنْزِل"، ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغلامين، فَساوَمَهُما بالمِرْبَد ليتَّخِذَهُ مسجدًا، فقالا: بل نَهَبُه لك يا رسولَ الله، [فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبَلَهُ منهما هِبَةً حتَّى ابْتاعَهُ منهما]، ثم بناهُ مَسجِدًا، وَطَفِقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ينقل معهم الَّلبن في [بُنيانِهِ] ويقول وهو ينقُلُ الَّلبن:
هذا الحِمَالُ لا حِمَالُ خَيْبَر هذا أَبَرُّ رَبِّنا وأطهَر.
ويقول: الَّلهُمَّ إنَّ الأجرَ أَجْرُ الآخرة، فَارحَمِ الَأنصَارَ والمهَاجِرَة فَتَمَثَّلَ بِشِعْر رَجُلٍ من المسلمين لم يسمَّ.
٢٣٢ - قال ابن شهاب: ولم يَبْلُغْنا في الأحادِيث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمَثَّل بِبَيتِ شِعرٍ تامٍّ غير هذه الأبيات. أخرجه البخاري (١).
٢٣٣ - عن أنس قال: "لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، نزل في عُلْو المَدِينة في حَيٍّ يقال لهم: بنُو عَمرو بنِ عَوفٍ، فَأقامَ فيهم أربَعَ عَشْرَةَ لَيلَةً، ثُمَّ أرسَلَ إلى ملإٍ من بني النَّجَّار، فجاؤوا مُتقَلِّدِين سُيُوفَهُم، قال أنس: فكأنِّي أنظُرُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحِلَتِه وأبو بكرٍ ردفُه، وملأ بني النَّجَّار حَولَهُ، حَتَّى ألقى بِفِناء أبي أيُّوب، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي حَيثُ أدركته الصلاة في مَرَابِضِ الغَنَم، ثم إنَّهُ أمر بالمَسجد، فأرسَلَ إلى ملإٍ بني النَّجَّار، فجاؤوا فقال: يا بني النَّجَّار! ثامِنوني بِحائِطِكُم هَذا، قالوا: لا والله لا نطلُبُ ثَمَنَهُ إلا إلى الله، قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: كان فيه قُبُور المشركين، وكان
(١) ٧/ ١٨٩ - ١٩٣ في فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة.