الذات باسم غير مشارك فيه كافٍ في العلم بها عند إطلاقه، ولهذا قال الفقهاء: لو اشتهر المقر باسم انفرد به أو نسب انفرد به كفى بذلك عند أداء الشهادة له وعليه، بخلاف ما إذا كان له مشارك بذلك، فإنه لا بد من الرفع في النسب، وبيان ما يرفع اللبس.
قوله: قال الله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي: تخصيصه الله تعالى بهذا الاسم الشريف كاف بالايتان به عند أداء شهادة التوحيد، وذلك لأنه لما كان تعالى مقدسًا عن الجنس الجامع، والفصل المميز، وخلا من الشريك في هذا الاسم تعين أن يكون هو المراد به عند إطلاقه.
قوله:(وأما الأفعال فلأنها شواهد الرجال) أي: آثارهم، والأثر يدل على المؤثر ضرورة، واختلف العلماء في وجوب الأخذ بأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس على إطلاقه، لأنهم ذكروا فيه تفصيلًا فقالوا: كل ما كان من أفعاله الجبلِّية، كالقيام والقعود، فالأخذ فيه مباح اتفاقًا، وما كان من خصائصه، كتخيير نسائه، ونكاح مرغوبته، ووجوب الوتر، والتهجد، فالقول بالاشتراك فيه ينافي اختصاصه، وما وقع بيانًا كقوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي" أو بقرينة حال، كأمره بقطع يد السارق، ثم قطعه لها من الكوع، فالأخذ بها واجب اتفاقًا، وما علمت صفته من أفعاله التي سوى الخصائص من كونه واجبًا، أو مباحًا، فالجمهور على أن الأخذ به على حسبه. وقال أبو علي بن خلاد المعتزلي: يختص ذلك بالعبادات فقط ما لم يعلم وجهه، وكونه من أحد هذه الأنواع السابقة، فهو محل النزاع، فمذهب مالك: أنه على الإباحة، ومذهب الشافعي: أنه على الندب، ومذهب أبي حنيفة، وابن سريج والاصطخري، وابن خيران: على الوجوب، ومذهب الصيرفي، والقاضي أبي بكر: التوقف، لأن الفعل لا صيغة له، والخصوصيات والأدلة متعارضة، وقد يرجح الوجوب بأن كل