المذكورة في أضدادها دليل قاطع على قدرة الله تعالى واختياره واستقلاله.
وقوله:"والملك والحكمة في الرعاء" أي: النبوة؛ فعل مع داود عليه السلام، فإنه لما أمر طالوت بطلبه وجد يرعى غنمًا، فأخذ من الرعاية، وأعطي الملك والنبوة، وبقي في عقبه كما قدمنا ذكره، اجتمعت بنو إسرائيل على داود، ولم تجتمع على ملك قبله.
وقوله:"والنبوة في الأجزاء" أي: كما فعل مع موسى عليه السلام، فإن النبوة فاجأته، وقد كان أجيرًا لشعيب عليهما السلام.
وقوله:"والعز في الأذلاء" أي: كما فعل معهم بعد ذلهم مع فرعون وعليهم له بعد استرقاقه لهم، والعز بغير هاءٍ: الغلبة. قال:
قوله:"والقوة في الضعفاء"، فإنهم كانوا بالنسبة إلى قوة فرعون وسلطانه في غاية الضعف، وإليه الإشارة بقوله تعالى:{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ. .} الآية [البقرة: ٤٩]، فإن مثل هذا التحكم إنما هو لضعفهم، وكذلك قوله:"والعزة في الأقلاء" فإن موسى عليه السلام كان وحده ليس معه سوى أخيه هارون عليهما السلام، وفرعون معه جنوده وأعوانه وسحرته، فأعز الله تعالى موسى عليه السلام، وخذل فرعون.
وقوله:"والعلم في الجهلة، والحكمة في الأميين"، إشارة إلى العرب فإن العرب كانوا في غاية البعد عن علم النبوة، وهم الأميُّون نسبة إلى الأم لبقائهم على الجهالة الأولى.