قوله: في حديث وهب بن منبه: "أوحى الله إلى شعيا" هو شعيا صاحب صديقة الملك، آخر من ملك من ولد داود، كان الملك في داود وبينه إلى آخر أيام صديقة أربعمائة سنة وثلاثًا وخمسين سنة، وشعيا: هو الذي بشر يعيسى ومحمَّد - صلى الله عليه وسلم -، ويقال: إن بني إسرائيل قتلوا شعيا بعد موت صديقة، فسلَّط الله عليهم عدوهم فشرَّدهم وأفناهم قال ابن إسحاق: نشروه بالمنشار، وأقام الشام خرابًا ليس فيه غير السامرة سبعين سنة، والملك لأهل بابل.
وقوله:"إني قضيت على نفسي" هذا الأسلوب أوقع عند السامع، فلذلك خوطبوا به, لأنه أدعى لطلب الجواب وسماعه بإقبال القلب.
وقوله:"إني قضيت على نفسي أمرًا حتمًا" إشارة إلى ما كان مكتوبًا في الزبور (من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) قال بعض المفسرين: هو وراثة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - للأرض المقدسة، أي: الأرض المقدسة يرثها أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والزبور: زبور داود، والذكر: التوراة، وقيل: اسم جنس لما أنزل على الأنبياء من الكتب، والذكر: اللوح المحفوظ، ولما علم الله تعالى من بني إسرائيل اللجاج والحجاج، صدر ذلك بذكر أفعاله الجارية على غير قياس، ولا يهتدى إلى وجه الحكمة فيها، ليوطنوا أنفسهم على قطع القول بأن النبوة لا تكون إلا في بني إسرائيل وراثة، ويعلموا أن الله تعالى يحكم ما يريد.
وقوله:"وأنا الله إلههم يدعونني فلا أستجيب لهم" وجه الجمع بينه وبين قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} أن القضاء قسمان: مطلق، ومعلق، فالمطلق وهو المبرم لا بد من وقوعه، وفائدة الأمر بالدعاء فيه تضعيف الثواب والأجر عليه، والمعلق موقوف على نحو الدعاء، وصلة الرحم، والصدقة. ولما كان لكل منهما. مغيبًا عن الخلق، وجب التوجه والدعاء لكل بلاء، فيصادف الإجابة والدفع في المعلق، وتضعيف الثواب في المطلق. وفي جعل هذه الأشياء