للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِرْميُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا حج طاف في ثيابه، قال في "النهاية": كان أشراف العرب الذين يتحمَّسُون في دينهم، أي: يتشددون إذا حج أحدهم لم يأكل [إلا طعام] رجل من الحرم، ولم يطف إلا في ثيابه، فكان لكل رجل شريف من أشرافهم رجل من قريش فيكون كل واحد منهما حِرْميُّ صاحبه، كما يقال: كريٌّ للمُكْري والمكْتَري، والنسب في الناس إلى الحرم: حِرْمي بكسر الحاء وسكون الراء، يقال: رجل حِرْمي، وإذا كان من غير الناس، قالوا: ثوب حَرَمي.

وقوله: "نهيت عن زَبْدِ المشركين"، قال في "النهاية": الزَّبْد يعني بالزاي وسكون الباء الموحدة: الرفْد والعطاء، يقال منه: زبده يزبده بالكسر، فأما يزبُدُه بالضم: فهو إطعام الزُّبد. قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخًا, لأنه قد قبل هدية غير واحد من المشركين، أهدى له المقوقس مارية [القبطية] والبغلة، وأهدى له أكَيْدر دومة، فقبل منهما، وقيل: إنما رد هديَّتَه ليغيظه (١) بردها، فيحمله على الإسلام، وقيل: ردها لأن للهدية موضعًا من القلب، ولا يجوز له أن يميل بقلبه إلى مشرك، فردها قطعًا لسبب الميل، وليس ذلك مناقضًا لقبول هدية النجاشي والمقوقس وأكيدر, لأنهم أهل كتاب.

قوله: في الثواب على الهدية: "أهدى رجل من بني فزازة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ناقة إبله"، أي: من إبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الجوهري: الناقة تقديرها: فعلة بالتحريك, لأنها جمعت على نوق، مثل: بدنة وبدن، وخشبة وخشب، وفعلة بالتسكين لا تجمع على ذلك، وقد جمعت في القلة على أنوق، ثم استثقلوا الضمة على الواو، فقدموها، فقالوا: أنوق، حكاها يعقوب عن بعض الطائيين، ثم عوضوا من الواو ياء، فقالوا: أنيق، ثم جمعوها على أنايق، وقد تجمع الناقة على


(١) في الأصل: ليعطيه، والتصحيح من "النهاية".

<<  <  ج: ص:  >  >>